شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 191 - الجزء 1

  فأرة فماتت: (ينزح ماؤها)⁣(⁣١). فقد أمر بنزحها مطلقاً.

  قيل له: ليس في هذا ما يفسد مذهبنا؛ لانا لا ننكر أن البئر إذا كان يمكن نزح جميع ما فيها ينجس ماؤها بما يقع فيه من النجاسة.

  ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن الماء إذا كان يمكن أن يستوعب بالشرب والطهور فإنه لو استوعب لكان استعمال النجاسة متيقناً، ولم يكن بعض المستعملين له أولى بالتنجيس من بعض؛ إذ لا خلاف أن حكم أبعاض ذلك الماء في التنجيس والتطهير حكم واحد؛ لأن من قال بتنجيس بعضه قال بتنجيس كله، ومن قال بتطهير بعضه قال بتطهير كله. وإذا كان الماء مما لا يمكن استيعابه بالشرب والطهور لم يحصل اليقين باستعمال النجاسة؛ إذ أصل الماء الطهارة، وكل بعض منه يجوز ألا تكون النجاسة ماسته.

  فإن قيل: فما تقولون في الموضع الذي يقع فيه النجس هل يجوز استعماله بعينه؟

  قيل له: إذا عرف ذلك الموضع بعينه فلا يجوز عندنا استعماله، وقد نص #(⁣٢) في الأحكام⁣(⁣٣): «ينجس الطهور بأن يلغ فيه الكلب أو الخنزير⁣(⁣٤) أو أن يشرب منه كافر بفيه، أو يدخل يده فيه»، ولم يشترط أن يكون الماء في إناء أو بحر، بل أطلق القول فيه، فاقتضى ذلك أن يكون كل موضع من الماء مسه النجس يصير نجساً.

  فإن قيل: هلا جعلتم الحد في ذلك أن يكون الماء قلتين.


(١) شرح معاني الآثار (١/ ١٧).

(٢) في (أ، ب): وقد نص عليه يحيى #.

(٣) الأحكام (١/ ٦٦).

(٤) في المخطوطات: والخنزير. والمثبت من الأحكام.