باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
  حنيفة إنما أفسدوه للتفاوت الواقع فيه؛ بدلالة أنه لا خلاف بيننا وبينهم في أن من باع صبرة على أن فيها مائة قفيز بر فوجدها تزيد قفيزاً واحداً أن البيع يصح في المائة، ويرد القفيز الزائد.
  وإذا كان ذلك كذلك كان يكون الوسط مزيلاً للتفاوت، فوجب أن يصح البيع؛ ألا ترى أن كل ما قصد فيه رفع التفاوت يقصد فيه إلى الوسط، كمهر المثل وزكاة الماشية، أنه يؤخذ فيها الوسط وما أشبه ذلك؟
  [وإن شئت جعلت(١) ذلك [قياساً فقلت: إن البيع](٢) تناوله وصح رفع الزائد مع إزالة التفاوت، فأشبه بيع القفزان](٣).
  وذكر أبو العباس وجهاً آخر لهذه المسألة، وهو أنه قال: متى وجب حمل بياعات المسلمين وعقودهم على الصحة ما أمكن وجب حمل هذا العقد على أنه باع من الجملة مائة جزء [من مائة جزء](٤) وجزء شائع؛ لأنه لو باع على هذا الوجه وصرح به لصح البيع بالإجماع، فيجب حمل العقد على هذا الوجه، ويجب أن يكون رد ما يرده على سبيل القسمة.
  وليس لأصحاب أبي حنيفة أن ينكروا ذلك [من حيث لم يتلفظ المتبايعان به؛ لأنه لا خلاف بيننا وبينهم أن من باع سيفاً محلىً(٥) بفضة بنقرة زائدة على ما في السيف أن البيع يصح، ويحمل على أنه باع نقرة بنقرة مثلاً بمثل يداً بيد، وأن
(١) «جعلت» ساقط من (أ).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).
(٤) ما بين المعقوفين من (أ، ج). وفي هامش (ج): كذا قد أصلح من شرح القاضي زيد.
(*) لفظ شرح القاضي زيد: وهو أن يكون البائع قد باع من هذه الثياب التي هي مائة ثوب وثوب مائة جزء من مائة جزء وجزء من كل ثوب، فيحصل للمشتري من كل ثوب مائة جزء وجزء شائعاً، فيكون له مائة ثوب من الجملة الشائعة؛ لأن ما يفضل عما يتناوله البيع هو جزء من ثوب، وهذا الجزء هو زائد للبائع في كل ثوب جزء من مائة جزء شائعاً.
(٥) في (ب، د): محلياً.