باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض
مسألة: [في بيع المكيل أو الموزون المشترى مقدراً]
  قال: ولو(١) أن رجلاً اشترى مكيلاً أو موزوناً بكيل معلوم أو وزن معلوم لم يكن له أن يبيعه حتى يستوفيه بكيله أو زنه؛ وإذا باعه وجب إعادة كيله أو وزنه(٢).
  وذلك لما روي عن النبي ÷ أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع وصاع المشتري(٣).
  ومن طريق الاعتبار أنه لا يتعين حقه إلا بأن يكتاله؛ لجواز أن يزداد أو ينقص إذا كيل، فصار قبل الكيل وإن قبض في حكم ما لم يقبض؛ إذ الاستيفاء يجب أن يقع بالكيل، فما لم يكتل فكأنه لم يقبض في الحكم.
  وكذلك الموزون يجوز أن يزداد أو ينقص إذا وزن، فإذا اشتراه وزناً ولم يزنه لم يكن في الحكم قابضاً. وهكذا المشتري الثاني إذا اشترى منه مكيلاً أو موزوناً لا يتم بيعه إلا أن(٤) يكيل المكيل أو يزن الموزون؛ لأن القبض لا يتم إلا بهما على ما بيناه، ولا يتم البيع إلا بالقبض؛ ألا ترى أن المكيل إذا كيل مرة أخرى وكذلك الموزون إذا وزن مرة أخرى لم يمتنع أن يزيد أو ينقص؟ فلذلك قلنا: إن المشتري الثاني أيضاً لا بد له من كيل أو وزن. على أنه إذا ثبت أنه قبل الكيل أو الوزن لا يكون قابضاً حقه على التحقيق أبطلنا البيع قبلهما، لما روي عن النبي ÷: أنه نهى عن البيع قبل القبض. وما روي أنه ÷ نهى عن بيع الطعام قبل القبض(٥).
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ أنه قال: (إذا اشتريت
(١) في (أ، ج): «لو» بدون واو.
(٢) الأحكام (٢/ ٤٥).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٧٥٠) والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٥١٦).
(٤) في (هـ): بأن.
(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٦٨).