كتاب البيوع
  للمحتاجين الذين يشكون إلى رسول الله ÷ أن الرطب يأتيهم ولا نقد في أيديهم، فرخص رسول الله ÷ في شراء ما دون خمسة أوسق بتمر(١) مؤجل؛ لئلا(٢) يلحقهم الضرر بإخراج العشر؛ لأن من أصل يحيى # أن المشتري إذا اشترى ما يجب فيه العشر كان عليه أن يخرج العشر، وأن يرجع بثمنه على البائع.
  قال: والخرص راجع إلى ما على رؤوس النخل، ومعنى الخرص الاحتراز من لزوم العشر.
  وحكى(٣) الطحاوي عن عيسى بن أبان أنه قال: إن العرية هي الهبة قبل التسليم، وهي لم تصر ملكاً للمعرى، قال: ولا يجوز لأحد أن يأخذ بدلاً لما لا يملك فيملكه، والتمر الذي يأخذه المعرى بدلاً عن عرية لم يملكها يطيب له ويملكه بهذه الرخصة التي في هذا الخبر.
  وذكر فيه وجه ثالث: وهو أن المعري هو الواهب لتلك النخل أراد الرجوع قبل التسليم، وقد كان حين وهب تضمن تلك الهبة التسليم، فكأنه وعده، ويكره للمسلم الإخلاف في الوعد، وكذلك للموهوب له أخذ عوض ما لم يملكه، فأجاز الخبر ذلك، فأخرج المعري من أن يكون خالف الوعد، وأجاز للمعرى تناول بدل ما لم يملكه، ويسمى ذلك بيعاً على طريق المجاز؛ لاشتماله على المعاوضة.
  فإن قيل: كيف يستقيم هذان الوجهان على مذهبكم وعندكم أن الهبة تصح من غير قبض؟
  قيل له: يصح ذلك من وجهين: أحدهما: أنا نجوز الرجوع فيها وإن كرهناه، فدل هذا الخبر على أنه لا يكره إذا عوض المعرى.
(١) في (د، هـ): بثمن.
(٢) تعليل لقوله: ما دون خمسة أوسق.
(٣) لعله الوجه الثاني. (من هامش د).