باب القول في شروط البيع
  ناضحه على الشرط الذي ذكره صار ذلك أصلاً في صحة كل بيع يقع(١) مع شرط أمر يصح أن يعقد عليه بالعوض على الانفراد على ما بيناه.
  فإن قيل: في آخر الخبر أنه لما أتى المدينة أتى النبي ÷ بالبعير فقال: هذا بعيرك، فقال: «ترى أني إنما جئتك(٢) لأذهب ببعيرك؟ يا بلال، أعطه أوقية»، وقال: «انطلق ببعيرك فإنها لك». فدل ذلك على أن البيع لم يكن وقع.
  قيل له: ليس فيه دليل على ذلك، بل الظاهر منه أن البيع كان انعقد وصح، ولهذا أمر [÷](٣) بتوفية الثمن، لكنه ÷ على عادة كرمه منحه البعير بعد أن ملكه عليه، وكيف يصح هذا التأويل مع قول جابر: فبعته منه بأوقية واستثنيت حملانه؟
  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه نهى عن شرطين في بيع، وهذا من ذلك، وكذلك عن بيعتين في بيع.
  قيل له: معناه عندنا أن يبيع السلعة على أنها بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا، أو على أنها إلى أجل كذا بكذا وإلى(٤) أجل كذا بكذا، [أو بكذا] درهماً على أن تعطيني بها دنانير.
  فإن قيل: عموم ما ذكرناه يقتضي فساد البيع الذي اختلفنا فيه.
  قيل له: لو كان ذلك كذلك كان يخصه حديث جابر، ومن أصلنا بناء العام على الخاص، ويكون من اشترى طعاماً على أن يحمله البائع تقديره تقدير(٥) من اشترى الطعام واستأجر البائع يحمله، فيكون الثمن ثمناً للطعام وأجرة للحامل
(١) في (ب، د): بيع. وفي (د): يقع. نسخة.
(٢) في شرح معاني الآثار: حبستك. وفي صحيح مسلم وغيره: ماكستك.
(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٤) في (أ، ج): أو إلى.
(٥) «تقدير» ساقط من (ب، د).