شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شروط البيع

صفحة 148 - الجزء 4

  ناضحه على الشرط الذي ذكره صار ذلك أصلاً في صحة كل بيع يقع⁣(⁣١) مع شرط أمر يصح أن يعقد عليه بالعوض على الانفراد على ما بيناه.

  فإن قيل: في آخر الخبر أنه لما أتى المدينة أتى النبي ÷ بالبعير فقال: هذا بعيرك، فقال: «ترى أني إنما جئتك⁣(⁣٢) لأذهب ببعيرك؟ يا بلال، أعطه أوقية»، وقال: «انطلق ببعيرك فإنها لك». فدل ذلك على أن البيع لم يكن وقع.

  قيل له: ليس فيه دليل على ذلك، بل الظاهر منه أن البيع كان انعقد وصح، ولهذا أمر [÷]⁣(⁣٣) بتوفية الثمن، لكنه ÷ على عادة كرمه منحه البعير بعد أن ملكه عليه، وكيف يصح هذا التأويل مع قول جابر: فبعته منه بأوقية واستثنيت حملانه؟

  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه نهى عن شرطين في بيع، وهذا من ذلك، وكذلك عن بيعتين في بيع.

  قيل له: معناه عندنا أن يبيع السلعة على أنها بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا، أو على أنها إلى أجل كذا بكذا وإلى⁣(⁣٤) أجل كذا بكذا، [أو بكذا] درهماً على أن تعطيني بها دنانير.

  فإن قيل: عموم ما ذكرناه يقتضي فساد البيع الذي اختلفنا فيه.

  قيل له: لو كان ذلك كذلك كان يخصه حديث جابر، ومن أصلنا بناء العام على الخاص، ويكون من اشترى طعاماً على أن يحمله البائع تقديره تقدير⁣(⁣٥) من اشترى الطعام واستأجر البائع يحمله، فيكون الثمن ثمناً للطعام وأجرة للحامل


(١) في (ب، د): بيع. وفي (د): يقع. نسخة.

(٢) في شرح معاني الآثار: حبستك. وفي صحيح مسلم وغيره: ماكستك.

(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).

(٤) في (أ، ج): أو إلى.

(٥) «تقدير» ساقط من (ب، د).