شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب الصرف

صفحة 203 - الجزء 4

  بمثل وزناً بوزن على أي حال كانا، فاقتضى العموم جواز ما وقع الخلاف فيه إذا تساويا في الوزن، [وأيضاً لا يخلو أن يكون الاعتبار في جواز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة بالمماثلة في الوزن فقط، أو في القيمة⁣(⁣١) على الانفراد أو مع الوزن]⁣(⁣٢) ولا خلاف أنه لا معتبر بالقيمة على وجه من الوجوه؛ للإجماع على جواز بيع دينار قيمته عشرون درهماً بدينار قيمته عشرة دراهم، فلم يبق إلا أن يكون الاعتبار بالوزن، وعليه دل لفظ النبي ÷، فإذا تماثلا في الوزن صح الصرف وبطل ما ذهب إليه الشافعي. ولا خلاف في جواز بيع دينارين صحيحين بدينارين مكسورين، وكذلك في جواز بيع دينارين عتيقين بدينارين طريين، فوجب أن يصح وإن كان أحد الدينارين صحيحاً والآخر مكسوراً، وكذلك إن كان أحدهما طرياً والآخر نيسابورياً، والعلة تماثلهما في الوزن، والنص منبه على هذه العلة، فوجب صحتها، وكذلك الاعتبار الذي قدمناه.

  فإن قيل: هذا لا يصح؛ لأن أحد الدينارين - إما الصحيح وإما المكسور، أو الطري أو النيسابوري - لو استحق لوجب أن نقسم الدينارين عليهما بحسب قيمتهما، وإذا فعلنا ذلك صار ما يقابل الدينار⁣(⁣٣) أقل من وزنه أو أكثر، فوجب أن يدل ذلك على فساد هذا الصرف؛ ألا ترى أن النبي ÷ منع من بيع الرطب بالتمر حين علم أن الرطب يجف فيعود في المآل إلى بيع التمر بالتمر متفاضلاً؟ فكذلك مسألتنا.

  قيل له: أما التقسيط الذي ذكرتم فإنه غير مسلم في هذا الموضع؛ لأن الذهب والفضة إذا لاقى كل واحد منهما جنسه فقيمته مثله في الوزن، ولا قيمة للصنعة والجودة، كذلك لا يجوز أن يشترى دينار مضروب بدينار ودانق، ولا دينار جيد


(١) في (أ، ج، د): بالقيمة.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).

(٣) في (ب، د): الدينارين.