كتاب البيوع
  فإن قيل: الجزاف قد يثبت في الذمة، وذلك أن يشتري الرجل سلعة بثمن جزافاً ثم تستحق أو تتلف بعد قبض الثمن واستهلاكه(١)، فيستحق البائع على المشتري الثمن الذي قبضه جزافاً ويثبت في ذمته.
  قيل له: نحن منعنا ثبوته في الذمة بالعقد دون ما سواه، وعليه صدر كلامنا، فلا يلزم ما سألت عنه؛ ألا ترى أن الغاصب قد يغصب مالاً جزافاً ويستهلكه فيثبت في ذمته؟
  فإن قيل: كما لم يجز أن يكون المسلم فيه جزافاً وجب أن يكون عوضه - وهو الثمن المعجل - لا يكون جزافاً.
  قيل له: العوض إذا لم يشارك المعوض فيما له امتنع من كونه جزافاً جاز أن يكون جزافاً، ألا ترى أن رجلاً لو اشترى براً جزافاً بثمن مؤجل لم يجز أن يكون الثمن جزافاً وإن كان عوض(٢) المبيع جزافاً؛ لما(٣) لم يشارك الثمن المبيع فيما له جاز كونه جزافاً، وهو أنه مما يتعجل قبضه ولا يثبت في الذمة بالعقد؟ وأيضاً لا خلاف أن الثمن في السلم يجب تعجيله، وأن المسلم فيه يجوز أن يجب تأجيله، فإذا جاز أن يختلفا في هذا لم يمتنع أن يختلفا فيما ذكرنا. على أنه منتقض برأس مال السلم إذا كان عرضاً كالثوب ونحوه؛ لأنه لا يجب عند أبي حنيفة أن يكون مضبوطاً بالصفة كما يجب ذلك في المسلم فيه.
  فإن قيل: ما(٤) يجوز أن يطرأ على المسلم(٥) مما(٦) يجوز أن يؤول إليه مما يوجب جهالة في المعقود عليه مراعىً في حال العقد ومقتض فساده؛ بدلالة ما
(١) في (ب، د): أو استهلاكه.
(٢) الأولى حذف عوض. (من هامش هـ). وشكل عليه في (د).
(٣) في (أ، ب، ج، هـ): كما.
(٤) «ما» ساقط من (ب).
(٥) في (هـ): المسلم فيه.
(٦) في (هـ): فيما.