باب القول في السلم
  أن يمكن فيه(١) التسليم وبين أن يفسخ البيع، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان سبب التعذر انقطاعه من أيدي الناس، ولست أحفظ [فيه](٢) قولهم إذا تعذر لإفلاس المسلم إليه. ويمكن أن يقاس تعذر الإفلاس على(٣) تعذر تسليم المبيع. وليس لهم أن يقيسوا تعذر التسليم للإفلاس على تعذر الثمن؛ لأن حكم الثمن في هذا الباب خلاف حكم المبيع؛ لصحة التصرف في الثمن قبل القبض وإن كان لا يصح ذلك في المبيع، فلا يصح في المبيع أمر من الأمور قبل التسليم كما يصح في الثمن.
  وقلنا: إنه ليس له أن يأخذ قيمة ما أسلم فيه لأنه يكون تصرفاً في المسلم فيه قبل القبض، ولا خلاف أن ذلك لا يجوز كما لا يجوز في الصرف، وإن كانت العلة في الصرف أنه يؤدي إلى إبطال القبض المستحق في المجلس، والعلة في المسلم فيه أنه بيع قبل القبض، كما لا يجوز التصرف في المبيع قبل القبض، وكذلك المسلم فيه؛ لأنهما جميعاً مبيعان.
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (من أسلف في طعام إلى أجل فلم يجد عند صاحبه ذلك الطعام فقال: خذ مني غيره بسعر يومه لم يكن له أن يأخذ إلا الطعام الذي أسلم فيه أو رأس ماله، وليس له أن يأخذ نوعاً من الطعام غير ذلك النوع)(٤).
  وهذا يوجب أن التصرف فيه قبل القبض غير جائز، ولا يحفظ عن غيره من الصحابة خلافه، فجرى مجرى الإجماع منهم.
(١) «فيه» ساقط من (د). وفي (أ، ج): إلى وقت أن يمكن فيه التسليم. وفي (هـ): إلى وقت يمكن فيه التسليم.
(٢) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٣) في (أ، ج): ويمكن أن يقاس عليه تعذر الإفلاس وعلى ... إلخ.
(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٤).