شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السلم

صفحة 220 - الجزء 4

  السلم فيه عنده، ومن المعلوم أن الجواهر والفصوص تتفاوت تفاوتاً عظيماً.

  فأما الحيوان ففي قول أبي حنيفة وأصحابه لا يجوز فيه مثل قولنا، وهو قول زيد بن علي @(⁣١)، وقال الشافعي: السلم فيه جائز.

  والأصل فيه: ما روي عن النبي ÷: أنه نهى عن بيع الحيوان بعضه ببعض نسيئة⁣(⁣٢).

  وروي أنه ÷ قال: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين، والصاع بالصاعين»، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله: أنبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل؟ فقال: «لا بأس إذا كان يداً بيد».

  وليس لأصحاب الشافعي أن يحملوه على أنه يمتنع النسأ للجنسية؛ لأنه⁣(⁣٣) لا يوجب المنع من النسأ لأحد وصفي علة الربا.

  ويدل على ذلك ما روي عن ابن عمر⁣(⁣٤) أنه قال: إن من الربا أبواباً لا تخفى، منها السلم في السن⁣(⁣٥).

  ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع، وتسميته إياه بالربا لا يخلو من أن يكون لغة أو شرعاً، فإن كان لغة تناوله قوله تعالى: {وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}⁣[البقرة: ٢٧٤]، وإن كان شرعاً فالشرع طريقه التوقيف، فهو في حكم من أسنده.

  وروي عن النبي ÷: «من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».


(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٥).

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٥٧) والترمذي (٢/ ٥٢٩) بلفظ: نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.

(٣) أي: الشافعي. (من هامش هـ).

(٤) كذا في المخطوطات، والصواب: «عن عمر» كما في شرح مختصر الطحاوي وغيره.

(٥) رواه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٢٧)، وروى نحوه عبدالرزاق في المصنف (٨/ ٢٧) عن عمر.