باب القول في السلم
  السلم فيه عنده، ومن المعلوم أن الجواهر والفصوص تتفاوت تفاوتاً عظيماً.
  فأما الحيوان ففي قول أبي حنيفة وأصحابه لا يجوز فيه مثل قولنا، وهو قول زيد بن علي @(١)، وقال الشافعي: السلم فيه جائز.
  والأصل فيه: ما روي عن النبي ÷: أنه نهى عن بيع الحيوان بعضه ببعض نسيئة(٢).
  وروي أنه ÷ قال: «لا تبيعوا الدينار بالدينارين، والصاع بالصاعين»، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله: أنبيع الفرس بالأفراس، والنجيبة بالإبل؟ فقال: «لا بأس إذا كان يداً بيد».
  وليس لأصحاب الشافعي أن يحملوه على أنه يمتنع النسأ للجنسية؛ لأنه(٣) لا يوجب المنع من النسأ لأحد وصفي علة الربا.
  ويدل على ذلك ما روي عن ابن عمر(٤) أنه قال: إن من الربا أبواباً لا تخفى، منها السلم في السن(٥).
  ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع، وتسميته إياه بالربا لا يخلو من أن يكون لغة أو شرعاً، فإن كان لغة تناوله قوله تعالى: {وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}[البقرة: ٢٧٤]، وإن كان شرعاً فالشرع طريقه التوقيف، فهو في حكم من أسنده.
  وروي عن النبي ÷: «من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».
(١) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٥).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٥٧) والترمذي (٢/ ٥٢٩) بلفظ: نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
(٣) أي: الشافعي. (من هامش هـ).
(٤) كذا في المخطوطات، والصواب: «عن عمر» كما في شرح مختصر الطحاوي وغيره.
(٥) رواه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ١٢٧)، وروى نحوه عبدالرزاق في المصنف (٨/ ٢٧) عن عمر.