كتاب البيوع
  فاقتضى ظاهره منع السلم فيما لا يتأتى فيه الكيل والوزن، والحيوان داخل فيه. وأيضاً الجواهر لا يجوز فيها السلم لما يحصل فيها من التفاوت العظيم، نص(١) أصحاب الشافعي على اللؤلؤ والزمرد والياقوت، فكذلك الحيوان لهذه العلة، وذلك أنه معلوم في الحيوان وإن اتفق الجنس والنوع والسن فإن التفاوت يعظم بينها، وهو الذي اعتمده يحيى #.
  وليس يلزم الثياب والبسط على ذلك؛ لأنها تنضبط بالصفة والذرع حتى يصير التفاوت يسيراً، ولا كذلك الحيوان؛ لأنه(٢) يكون متعذراً لا سبيل إليه، فهو باللآلئ واليواقيت أشبه.
  فإن قيل: ضبطه بالصفة ممكن، بدلالة ما روي عن النبي ÷: «لا تصف المرأة المرأة لزوجها حتى كأنه ينظر إليها»(٣).
  قيل له: لا يمتنع أن يضبط بالصفة بعض الضبط، ولسنا ننكر ذلك؛ ألا ترى أن الياقوت واللؤلؤ يمكن ضبطها(٤) بالصفة، ولكن لا يمكن ضبط شيء من ذلك بحيث يقل التفاوت، وهذا معلوم ضرورة، فقولُه ÷ نهيٌ عن أن تصفها بغاية ما يمكنها، وليس فيه دليل على أنها إذا بلغت الغاية قل التفاوت.
  فإن قيل: غاية أوصافه أن يضبط بالصفة.
  قيل له: الأوصاف المقصودة منه لا يمكن ضبطها؛ ألا ترى أن الجاريتين تتساويان في الجنس والحسن(٥)، ومع ذلك تتفاوتان(٦) في الثقل والخفة على
(١) في (هـ): بنص.
(٢) في (ب، د): فإنه.
(٣) أخرجه الطبراني في الأوسط (٢/ ١٥٦) وأخرج نحوه البخاري (٧/ ٣٨).
(*) في (ب، د، هـ): حتى كأنه يراها.
(٤) كذا في المخطوطات.
(٥) في نسخة في (د): والسن.
(٦) في (ب، د، هـ): لا تتساويان.