شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 209 - الجزء 1

  كانت علتنا أولى؛ لأنها تنقل، ولأنها حاظرة، ولأن فيها الاحتياط، ولأن الظواهر التي ذكرناها تشهد لها.

  فإن قال قائل: روي أن النبي ÷ توضأ من مزادة مشركة.

  قيل له: ليس في الخبر أنه توضأ من مزادة مشركة قد شربت منها المشركة ولم تطهر، فلا يمتنع أن تكون المزادة جديدة⁣(⁣١) لم تستعمل، أو كانت قد طهرت من مس المشركة لها، أو يكون حمل النبي ÷ الأمر على الظاهر، فحملها على الظاهر أيضاً؛ إذ⁣(⁣٢) لم يثبت عنده تنجيسها، ونحن قد بينا أن الآنية لا تنجس بكونها ملكاً للمشرك.

  وجملة الأمر أنه⁣(⁣٣) فعل ولا يمكن أن يدعي فيه العموم، فبطل تعلقهم به.

  وعلى هذا النحو يكون جواب من قال: إن عمر توضأ من جرة النصراني، ومن قال: إن رسول الله ÷ استعار دروع صفوان بن أمية، على أنه ليس فيها أن رسول الله ÷ أباح الصلاة فيها أو صلى هو فيها.

  فإن استدلوا بقول الله تعالى: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ}⁣[المائدة: ٥].

  قيل لهم: هذا لا يتناول موضع الخلاف، وذلك أنا لا ننكر أن الطعام لا يحرم علينا بكونه لهم، ونقول: إن طعامنا يحرم علينا بمماستهم له على وجه مخصوص، فصار الظاهر لا يتناول موضع الخلاف، على أنا إن سلمنا لهم ما ادعوه خصصنا من أطعمتهم ما ماسوه منها بأبدانهم الرطبة بالأدلة التي قدمناها، كما نخص نحن وهم أطعمتهم المحرمة بأدلتها.

  ومما يذكر في هذه المسألة على طريق الإلزام لهم: ما رويناه في صدر هذا


(١) في (ب): كانت جديدة.

(٢) في (ب): إذا.

(٣) في (ب، د): على أنه.