شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تبطل به الشفعة

صفحة 258 - الجزء 4

باب القول فيما تبطل به الشفعة

  إذا حضر الرجل عقد بيع له فيه شفعة فلم يطالب بشفعته ساعة ينعقد البيع بطلت شفعته⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأحد قولي الشافعي.

  والأصل فيه: ما روي عنه ÷ أنه قال: «الشفعة كنشطة عقال، فإن قيدها مكانه ثبت حقه، وإلا فاللوم عليه»⁣(⁣٢)، وما روي عنه ÷ أنه قال: «الشفعة لمن واثبها».

  ولا خلاف بين العلماء أن من ترك طلبها مدة طويلة من غير عذر بطلت شفعته، فكذلك إن تركها مدة قصيرة، والعلة إعراضه عن طلبها لغير عذر. ولأنه يؤدي إلى تعليق حق المشتري، فوجب أن يكون ذلك مبطلاً لشفعته قياساً على تركه مدة طويلة. ويمكن أن تقاس بهاتين العلتين على قبول البيع في المجلس؛ إذ الإعراض عنه⁣(⁣٣) في المدة القصيرة⁣(⁣٤) مبطل لحقه بالإجماع، أعني في القبول.

  فإن كان المانع من ذلك عذراً كالخوف من ظالم أو ما أشبه ذلك لم تبطل شفعته، فإذا زال العذر عاد الأمر كما كان في أنها تبطل إن لم يطلبها، وذلك أن المعاذير لها تأثير في مثل هذا، ألا ترى أنه لو باع أو اشترى⁣(⁣٥) أو أقر مكرهاً لم يقع شيء من ذلك؟ وكذلك عند⁣(⁣٦) الطلاق والعتاق والنكاح، فكذلك السكوت عن طلب الشفعة إذا كان لما ذكرنا.


(١) الأحكام (٢/ ٨٤، ٨٥) والمنتخب (٣٨٢).

(٢) روى ابن ماجه (٢/ ٨٥٣) والبيهقي في الكبرى (٦/ ١٧٨) أوله، بلفظ: الشفعة كحل العقال.

(٣) في (ب): عنها. وظنن بـ: عنه.

(٤) في (أ، ج): اليسيرة.

(٥) في (أ، ب، ج): واشترى.

(٦) في المطبوع: عندنا.