باب القول فيما تبطل به الشفعة
  والذي يجب أن يعتبر في الخوف هو ما نعتبره في باب الإكراه، وإن كان خوفاً يسيراً كالخوف من الوحشة أو ما جرى مجراها لم يؤثر وبطلت الشفعة كما نقول ذلك في الإكراه.
  وحكي عن بعض أصحاب(١) أبي حنيفة أن الشفعة تبطل إذا سكت خوفاً، وشبهوه بخيار القبول في المجلس. والفصل بينهما أن العذر لا يؤثر فيه، ألا ترى أن الشفيع لو خفي عليه أن البائع قد أوجب لم تبطل شفعته بالإعراض، وكذلك لو تركها(٢) ظناً منه أن البيع بألف ثم علم أن البيع بأقل لم تبطل شفعته، وليس كذلك خيار القبول.
  والغائب إذا بلغه خبر البيع إن لم يشهد على أنه مطالب بشفعته ولم يبعث بذلك إلى المشتري أسرع ما يمكنه بطلت شفعته على ما بينا، إلا أن يمنعه ما ذكرنا، وذلك أن طلب الغائب هو بالإشهاد والإنفاذ، فمتى قصر في واحد من الأمرين بطلت شفعته على ما بيناه.
  والصغير إذا بلغ فقصر بطلت شفعته على ما بيناه.
  قال: ولو أنهم تركوا ما يجب عليهم في ذلك وتهاونوا يوماً أو يومين أو أقل أو أكثر لجهلهم بذلك لم تبطل شفعتهم(٣).
  وهذا عندي ضعيف؛ لأن سائر ما قدمنا ذكره يوجب إبطالها بهذا.
  ووجهه مع ضعفه: أن الشفعة موضوعة لدفع الضرر، فلو ضيقنا على الشفيع حتى تبطل الشفعة لأمرٍ جهله ولم يحط به علمه لم نكن دفعنا عنه الضرر. ولا أعرف خلافاً في تأجيل الشفيع مديدة(٤) يحمل المال، وقد تسومح في ذلك ليتم
(١) في (هـ): عن أصحاب.
(٢) في (أ، ب، ج، د): وكذلك الشفيع لو تركها.
(٣) الأحكام (٢/ ٨٥).
(٤) في (هـ): مدة مديدة.