باب القول فيما تبطل به الشفعة
مسألة: [في غياب الشفيع بعد طلب الشفعة]
  قال: وإذا طلب الشفيع الشفعة فقال له المشتري: احمل الثمن، فمضى ولم يعد يكون على شفعته متى عاد، والمشتري يطالبه عند الحاكم(١).
  وهذا هو الأشهر من قول أبي حنيفة والشافعي. وقال محمد: إن عاد فيما بينه وبين شهر وإلا بطلت شفعته، وذكر يحيى بن الحسين $ في الفنون(٢) نحو هذا القول، ولم يحده بشهر.
  والأصح ما ذكره في الأحكام من أنه يكون أبداً على شفعته حتى يسلم أو يحكم الحاكم بإبطالها.
  ووجهه: ما مضى من أنه قد استحق بالطلب ووجب حقه، والسكوت وتأخير توفير الثمن لا يبطلها كما لا يبطل لذلك سائر الحقوق الواجبة؛ ولأن أحداً لا يقول: إن ذلك على الفور، بل يفسح له في المدة، فوجب أن يكون كثير المدة كقليلها، كسائر الحقوق، وكما نقول: إن يسير المدة ككثيرها في ترك الطلب.
  ووجه القول الآخر: أنه يؤدي إلى تعليق ملك المشتري. وقد بينا أن له أن يرافعه إلى الحاكم فيمنع ملكه عن التعليق، فإن لم يفعل يكون هو الذي علق ملكه، وحق الشفيع يكون ثابتاً كما بيناه.
مسألة: [في مطالبة الشفيع للبائع بالشفعة]
  قال: وإذا أعرض الشفيع عن مطالبة المشتري بالشفعة وطلب البائع بطلت شفعته، إلا أن يكون فعل ذلك جهلاً(٣).
  لأن الملك قد صار للمشتري وخرج عن البائع، والشفيع عليه يستحق الملك
(١) المنتخب (٣٨٣).
(٢) الفنون (٦٦٤).
(٣) الأحكام (٢/ ٨٣، ٨٤).