شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في وجوب الأجرة

صفحة 300 - الجزء 4

  والخلاف في هذا بيننا وبين أبي حنيفة؛ لأنهم لا يوجبون⁣(⁣١) كراء المثل على الغاصب، ونحن نوجبه عليه، وحكمه حكمه في أنه غاصب؛ فلذلك أوجبنا عليه الكراء. فأما ما كان الحبس لتعذر الرد فليس بغاصب؛ فلذلك لم نوجب عليه الكراء، فإن استعمله مع ذلك كان غاصباً ولزمه الكراء.

مسألة: [في حبس الأجير ما استؤجر عليه حتى يستوفي أجرته]

  قال: ومن عمل لرجل شيئاً أو حمل له بالأجرة كان له ألا يسلمه إلى صاحبه حتى يستوفي أجرته⁣(⁣٢).

  وقال أبو حنيفة مثل ذلك في الصناع كالصائغ⁣(⁣٣) والخياط والإسكاف ونحوه، وقالوا⁣(⁣٤): ليس ذلك للحمال والمكاري.

  ووجه ما ذهبنا إليه أن الحمال قد فعل في المحمول ما التزمه بعقد الإجارة، فوجب أن يكون له حبسه حتى يستوفي أجرته كالصانع⁣(⁣٥).

  والأصل في جميع ذلك ما لا خلاف فيه من أن للبائع أن يمتنع من تسليم المبيع إلى المشتري حتى يستوفي الثمن. ويجب الاستيفاء في الثمن والأجرة مع تسليم المبيع والعمل معاً، إلا أن يتشاحا فيؤمر المشتري بتسليم الثمن أولاً ليتعين، ثم يسلم البائع.

  وهم ربما قالوا: إن المكاري والحمال ليس لهما عمل قائم في الحمل، فليس لهما الامتناع من التسليم، والصناع لهم أعمال قائمة، فلهم الامتناع من التسليم. يريدون الصائغ والحداد ونحوهما. وهذا كلام لا محصول له؛ لأنهم إن أرادوا


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) قال في شرح القاضي زيد: على أصل يحيى #؛ لنصه في المنتخب على أن الحمال إذا اكتري على حمل أحمال إلى إنسان وأخذ الكراء منه فامتنع المحمول إليه من دفع الكراء كان له أن لا يسلمه.

(٣) في (أ، ب، ج): كالصانع.

(٤) كذا في المخطوطات.

(٥) في (هـ): كالصائغ.