باب القول في وجوب الأجرة
  قال: وكل إجارة صحيحة انتقضت للعذر بعدما انقضى شطر منها وجب فيها من الأجرة بحساب ما انقضى.
  ووجهه: أن تلك المنافع قد استوفاها بإجارة صحيحة، فيجب أن يوفيه ما يقابلها من العوض، كما أنه لو استوفى الجميع وجب أن يوفي جميع الأجرة. على أن ذلك لا يجب أن يكون أسوأ حالاً من الإجارة الفاسدة، فلا بد من أن يوفي الأجرة.
مسألة: [فيمن استأجر جملاً من موضع ليحمل من آخر إليه فانتهى إلى المحمول منه فامتنع أحدهما]
  قال: ولو أن رجلاً استأجر جملاً من المدينة على أن يسير به إلى مكة ويحمل من مكة إلى المدينة حملاً له، فلما انتهى إلى مكة امتنع من أن يحمل عليه لا لعذر حكم عليه بالأجرة، وكذلك إن امتنع الحمال لا لعذر حكم بحمله.
  والأصل في هذا: ما بيناه من قبل أن الإجارة لا تنتقض إلا لعذر، فإذا ثبت ذلك فمتى استأجر الرجل جملاً بأجرة معلومة وسُلِّم الجمل لزمه الكراء ولم يكن له فسخ الإجارة إلا لعذر، كذلك الحمال ليس له ذلك إلا لعذر، فمتى امتنع حكم عليه بإتمام ما التزم بعقد الإجارة وألزم أن يحمل على جمله ما شرط عليه.
مسألة: [في الإجارة على حمل الرسالة]
  قال: ولو أن رجلاً استأجر رجلاً على أن يحمل كتابه إلى رجل ويرجع بجوابه إليه فلم يصادف الأجير المحمول إليه [فسلمه إلى صاحب له أو لم يسلمه فإنه لا أجرة له، وكذلك إن سلمه إليه](١) ولم يأخذ الجواب أو ضاع الكتاب فلا أجرة له(٢).
(١) ما بين المعقوفين من التحرير (٣٥٥).
(٢) المنتخب (٤٥٩).