شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ضمان المستأجر

صفحة 322 - الجزء 4

  قال أبو حنيفة: يضمن قسط الزيادة من القيمة، كأن⁣(⁣١) القيمة تقسم على الأصل والزيادة. وحكى ابن أبي هريرة عن الشافعي أن الجمال إذا لم يكن معه قولاً واحداً في أنه يضمن جميع القيمة. وهو الصحيح؛ لأنه قد تلف بتعديه، فوجب أن يضمنه، ولا معتبر في أنه مأذون في حمل بعض ما على الجمل، ألا ترى أن من استأجر جملاً إلى موضع بعينه ثم جاوزه ثم تلف لم يجب أن يقسم الضمان على الموضع المأذون له فيه بعقد الإجارة وعلى ما بعده مما تعدى في مجاوزته، بل يكون ضامناً للجميع؟ وهكذا الفصاد لو جرح المفتصد جراحة تعدى فيها فمات المجروح لم يجب أن تقسم الدية على جرح الفصد وعلى الجرح الذي تعدى فيه، بل تلزمه⁣(⁣٢) الدية كاملة؟ فكذلك ما ذهبنا إليه.

  قال: ولو أنه اكتراه منه على أن يركبه إلى موضع فتجاوز ذلك الموضع فتلف ضمن قيمته، ووجب كراؤه إلى الموضع الذي استأجره إليه⁣(⁣٣).

  لا خلاف في ضمانه القيمة إذا تجاوز ما اكتراه إليه؛ لأنه متعد فيه وغاصب له في تلك الحال، فيجب أن يضمن القيمة. وإيجابه الكراء إلى حيث استأجر فالمراد به المسمى، وله فيما تجاوزه مع الضمان كراء المثل على ما تقدم من نصوصه الدالة على إيجاب كراء المثل على الغاصب.

  قال: فإن اكترى على أن يركبه إلى موضع فركبه إلى موضع آخر أبعد منه فتلف ضمن قيمته ولم يجب الكراء⁣(⁣٤).

  وهذه كالمسألة التي قبلها، ألزمه الضمان لتعديه، وأراد بقوله: لم يجب الكراء المسمى، فأما إيجابه كراء المثل فقد مضى في كلامه ما يدل عليه.


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) في (أ، ج): لزمته.

(٣) المنتخب (٤٥٥، ٤٥٦).

(٤) المنتخب (٤٥٦).