كتاب الإجارة
  عليهم يجري مجرى نفقاتهم ومؤنهم، فلا يكون ذلك مزارعة على التحقيق.
  أو يكون ÷ جعلهم ذمة وأقرهم على الأرضين، وجعل نصف الخارج بمنزلة الجزية، ويجوز في الجزية من الجهالة ما لا يجوز في الإجارات والبياعات، ألا ترى أن النبي ÷ وظف على أهل نجران مؤنة الرسل عشرين يوماً، وجعل عليهم عارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً.
  ويؤكد أن ذلك كان على أحد وجهين أنه لم يرو أن النبي ÷ أخذ منهم الجزية ولا أبو بكر ولا عمر.
  ويحتمل أن يكون ذلك صار منسوخاً بالنهي عن المخابرة، فإن ثبت أنها مشتقة من خيبر فكأنه ÷ نهى أن يعملوا بما عمل بخيبر.
  على أنه روي أنه قال لليهود: «أقركم على [ذلك] ما أقركم الله»(١)، ولا خلاف أن المزارعة والمساقاة لا بد فيها من التوقيت المعلوم، وقد قال ÷: «نقركم على ذلك ما شئنا»(٢).
  وأما الشافعي فإنه ذهب إلى جواز المساقاة وجواز مزارعة الأرض التي بين النخيل مع مساقاة النخيل، ولا يجوز مزارعة الأرض البيضاء، ويحجه سائر ما قدمناه، ويقال له: من أين لك أن مزارعة خيبر كانت في أرض بين النخيل؟ ومن أين أنه لم يكن بخيبر أرض بيضاء؟ ونحن نقيس الأرض التي بين النخيل على الأرض البيضاء لإفساد المزارعة، بعلة أنها مزارعة على بعض ما يخرج من الأرض، وبأن الأجرة فيها غرر، ونقيس المساقاة أيضاً على ذلك، ونقيسهما على المساقاة في غير النخيل والكرم، ونقيسهما على ما أجمع عليه المسلمون من أنه لا
(١) أخرجه البخاري (٣/ ١٩٢) بلفظ: «أقركم ما أقركم الله» وعبدالرزاق في المصنف (٥/ ٣٧٢) بلفظ: «أقركم على ذلك ... إلخ».
(٢) أخرجه البخاري (٤/ ٩٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٣٤٩).