كتاب الإجارة
  يجوز دفع الإبل والغنم والرماك(١) على جزء من النماء من الأولاد والألبان والأصواف والأوبار، والعلة في ذلك جهالة الأجرة والغرر الذي فيها، فلا يصح قول الشافعي: إن الأرض التي بين النخيل تتبع النخيل فيجوز فيها ما لا يجوز في الأرض البيضاء من المزارعة، كما يجوز أن يدخل في البيع من(٢) الشرب والحقوق على سبيل التبع وإن كان لا يجوز أن يفرد بالبيع؛ لأن الأرض التي بين النخيل يجوز أن تفرد بالعقود في البياعات والإجارات والهبات، فلم يجز أن تكون الأرضون تبعاً للنخيل، كما أن النخيل لا يجوز أن يكون تبعاً للأرض.
  على أن المساقاة غير المزارعة، وهما حكمان مختلفان، فكيف تدخل مزارعة الأرضين في حكم مساقاة النخيل؟
  فإن قيل: فهلا قستموها على المضاربة؟
  قيل له: المضاربة مخصوصة، ولم توضع على القياس، ولا يجوز أن تجعل أصلاً لهذا الباب. على أن المضاربة من باب الشركة(٣) لا من باب الإجارات، ولا خلاف أنها غير مؤقتة كسائر الشركة، وعند القائلين بالمزارعة والمساقاة لا تجوز إلا في مدة معلومة.
  ويقال لأبي يوسف ومحمد وللشافعي في أحد قوليه: لو كانت المضاربة إجارة لوجب أن يضمن المضارب مال المضاربة؛ إذ(٤) كان يجب أن يكون أجيراً مشتركاً، وقد ذهب أبو يوسف ومحمد إلى أن المضاربة إذا فسدت ضمن المضارب وكانت له أجرة عمله، فبان أن المضاربة الصحيحة ليست إجارة، وأنها لا تصح أن تكون أصلاً للمزارعة.
(١) الرماك: جمع رمكة، وهي الأنثى من البراذين. (مختار بتصرف).
(٢) «من» ساقط من (ب، د).
(٣) في (أ، ج، هـ): الوكالة.
(٤) في (أن ج): أو. وفي (هـ): إذا.