باب القول في المضاربة
مسألة: [في ادعاء المضارب تلف المال]
  قال: وإذا ادعى المضارب ذهاب المال كان القول قوله مع يمينه(١).
  وهذا مما(٢) لا خلاف فيه؛ لأن يده بالإجماع يد الأمانة، والأمين يجب أن يكون القول قوله فيما في يده كالمودع، وقد ذكرنا ما رواه زيد بن علي عن علي $ أنه قال في المضارب يضيع منه المال: (لا ضمان عليه).
  وهذا في المضاربة الصحيحة، فأما الفاسدة فإن المضارب يكون في حكم الأجير المشترك في الإجارة الفاسدة. وقول أبي حنيفة: إن هذه كالأولى؛ [لأن من مذهبه أن الأجير المشترك أمين، فيجب على قوله ما ذكرنا في المسألة الأولى](٣).
  فأما عندنا وعند أبي يوسف ومحمد فهو ضامن لما في يده؛ لأنا نضمن الأجير المشترك بما تلف في(٤) يده إلا أن يكون تلف بأمر غالب لا قبل له به، فإن ادعى تلفه بأمر غالب فعليه البينة فيما ادعى.
  قال: ولو أنه ضمن المال كان ضمانه باطلاً، إن شاء وفى وإن شاء لم يف(٥).
  ووجهه: أنه في حكم المودع، فيجب أن يبطل ضمانه كما يبطل ضمان المودع.
  فإن قيل: فهلا جعلتموه كالمستعير يضمن إذا اشترط الضمان(٦)؟
  قيل له: لأن المستعير إذا اشترط(٧) الضمان كأنه جعل الحفظ في مقابلة ما يستوفيه من المنافع، فأشبه الأجير المشترك، وليس للمضارب منافع معلومة فيجعل الحفظ في مقابلتها، فإن اشترط الحفظ كان متبرعاً به، وليس كذلك المستعير؛ لأنه يستوفي المنافع على الحفظ.
(١) المنتخب (٣٩١).
(٢) في (أ، ب، ج، د): ما.
(٣) ما بين المعقوفين من (د).
(٤) في (أ، ب، ج، د)، ونسخة في (هـ): على.
(٥) الأحكام (٢/ ١٠١) والمنتخب (٣٩١).
(٦) في (هـ): إذا اشترط عليه الضمان.
(٧) في (أ، ج): شرط.