باب القول في أحكام الرهن وتوابعه
  على ما بيناه في صدر الكتاب. فإن قال: ارهنه عن فلان - يعني المطالب بالدين - فيجب أن يصح؛ لأنه إذ ذاك يكون بمنزلة من أعاره حتى رهنه(١).
  فأما إذا ضمن المال ثم دفع الرهن فهو صحيح لا إشكال فيه؛ لأن الحق قد وجب بالضمان، والرهن بذله على حق لزمه.
  قال: ولو تكفل بوجهه ثم أعطاه الرهن كان فاسداً(٢).
  وذلك أنه لا يلزمه لكفالة الوجه مال، فلا يصح الرهن؛ لأن الرهن يصح على المال؛ لأن الله تعالى أمر بالرهن على الدين؛ لأنه قال: {فَرِهَٰنٞ مَّقۡبُوضَةٞۖ}[البقرة: ٢٨٣] عقيب: {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ}[البقرة: ٢٨٢]، وأيضاً لو مات المكفول به لم يلزم الكفيل شيء، فيخرج الرهن عن أن يكون له معنى.
  والذي يجيء على مذهبه ألا يصح الرهن في كل ما جرى مجراه من الوديعة ومال المضاربة والرقبة المستأجرة وما أشبه ذلك؛ للوجه الذي قدمناه، وبه قال أبو حنيفة [وأصحابه](٣) حكاه أبو الحسن(٤) الكرخي، وقد بينا في صدر هذا الكتاب معنى قوله: لا يصح الرهن، فلا معنى(٥) لإعادته.
مسألة: [في الرهن المعلق]
  قال: ولو أن رجلاً قال لآخر: إن لم يعطك فلان حقك عند رأس الشهر فهو علي، وأعطاه الرهن - لم يصح الرهن إلا بعد رأس الشهر وحين وجوب الحق عليه(٦).
  وهذا قد مضى وجهه، وهو أن الرهن يصح بعد وجوب الحق، والحق لم يثبت
(١) «حتى رهنه» ساقط من (هـ). وفي شرح القاضي زيد: بمنزلة من أعاره ثم رهنه.
(٢) المنتخب (٤٢٢).
(٣) ما بين المعقوفين من (د).
(٤) في المخطوطات: أبو بكر.
(٥) في (أ، ج، هـ): وجه. وفي نسخة في (هـ): معنى.
(٦) المنتخب (٤٢٢، ٤٢٣).