شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في تلف الرهن وانتقاصه وانتفاع المرتهن به

صفحة 411 - الجزء 4

  وانكسر من جوهره⁣(⁣١).

  اعلم أن هذا إذا كان إكليل من ذهب مرهوناً على الدنانير، أو إكليل من فضة مرهوناً على الدراهم. فالأصل فيه أن الفضة إذا لاقت جنسها من الفضة أو الذهب إذا لاقى جنسه من الذهب لم يكن للصنعة والجودة قيمة.

  يدل على ذلك قول النبي ÷: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل وزناً بوزن، والفضة بالفضة مثلاً بمثل وزناً بوزن»، ألا ترى أن عشرة دنانير مضروبة لا يجوز أن يشترى بها أحد عشر ديناراً تبراً غير مضروب وإن كانت قيمته عشرة دنانير لضربه⁣(⁣٢) وسكته وجودته، بل لا يجوز الدينار بالتبر إلا وزناً بوزن، ولا الدرهم بالنقرة إلا وزناً بوزن؛ لما قلناه: إن كل واحد منهما إذا لاقى جنسه لم يكن للصنعة والجودة قيمة، فإذا ثبت ذلك فلو ضمن المرتهن ما نقص من الإكليل المنشدخ من قيمته كان إنما يضمن بما لاقاه⁣(⁣٣) من الدين دون ما سواه، ألا ترى أنه لو كان عنده وديعة لم يضمنه؛ لأنه لم يلاق الدين؟ فإذا كان ذلك كذلك لم يجب أن يضمن قيمة الانشداخ إذا سلم الوزن، وقيل للراهن: أد الدين وخذ الإكليل المنشدخ. وبه قال أبو حنيفة، ورواه أبو الحسن الكرخي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وروى محمد أنه قياس قول أبي حنيفة وقياس قول زفر، ووجهه ما بيناه.

  فأما إذا نقص شيء من الوزن أو كان فيه جوهر فانكسر فإنه يضمنه المرتهن؛


(١) الأحكام (٢/ ١٠٤) والمنتخب (٤٣٩، ٤٤٠).

(٢) في (هـ): لضربته.

(*) هكذا في المخطوطات. ولفظ شرح القاضي زيد: لا يجوز أن يشترى بعشرة دنانير مضروبة أحد عشر ديناراً غير مضروبة، ولا بعشرة دراهم مضروبة أحد عشر درهماً غير مضروبة، وإن كانت قيمة المضروبة منهما أكثر من قيمة غير المضروبة.

(٣) لفظ شرح القاضي زيد: فلو ضمن المرتهن قيمة ما نقص من الإكليل لكان يضمن لأجل الدين الذي هو الذهب حتى يكون كالبدل عنه دون ما سواه.