شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المغصوب يوجد بعينه

صفحة 440 - الجزء 4

  إن المراد بقوله: «الزرع لصاحب الأرض» هو كراء المثل]⁣(⁣١) والمراد بقوله: «وللغاصب ما غرم» أي: ما فضل عن كراء المثل. وهذا وجه، ويجوز أن يكون⁣(⁣٢) ذهب إلى ظاهر ما روى رافع بن خديج عن النبي ÷: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وترد عليه نفقته»⁣(⁣٣).

  وروي: «له نفقته، وليس له من الزرع شيء»⁣(⁣٤)، فهذا يحتمل أن يكون أراد من زرع بذر قوم بغير إذنهم في أرضهم، وأن يكون المراد له نفقته إن كانوا أذنوا له بعد ذلك في النفقة. وتأول ذلك أصحاب أبي حنيفة فقالوا: معناه ليس له من الزرع شيء كما له فيما زرعه في أرضه أو في أرض أباح صاحبها له زرعها؛ لأن عليه أن يتصدق بالزرع. ويبعد وجوب التصدق به إذا كان البذر له؛ لأن ملكه لم يتجدد عليه فيقال: إنه ملكه من وجه محظور، وإنما هو قد زاد على أحوال محظورة، وذلك كجارية صغيرة يربيها بالحرام لا يلزمه التصدق بها، ونظائر ذلك كثيرة.

  وقال أبو حنيفة: لا كراء على الغاصب لما استهلك من منافع المغصوب.

  ودلت أصول يحيى # على إيجاب الكراء⁣(⁣٥)، وبه قال الشافعي.

  ووجهه: أن المنافع تجوز فيها الإباحة والاستعاضة عليها، فوجب أن يلزم العوض باستهلاكها؛ دليله الأصول⁣(⁣٦).

  فإن قيل: فيلزمكم أن توجبوا على من وطئ جارية غيره مهر المثل، كما أوجبتم على من سكن دار غيره كراء المثل.


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).

(٢) القاسم #. (من شرح القاضي زيد).

(٣) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٨٢٤) وأحمد في المسند (٢٨/ ٥٠٧).

(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٦٨) والترمذي (٣/ ٤١) بلفظ: فليس له من الزرع شيء وله نفقته.

(٥) لنصه على أن من اكترى داراً مدة معلومة فسكنها بعد تلك المدة أو لم يسكنها ولكن لم يسلمها إلى صاحبها مع التمكن فعليه الأجرة. (من شرح القاضي زيد).

(٦) أي: الأعيان كما في شرح القاضي زيد.