شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز

صفحة 471 - الجزء 4

  وذلك أن الهبة صارت ملكاً للموهوب [له] مستقراً لا يتأتى فيها الفسخ، فوجب أن يكون حكمها حكم سائر أملاكه في أنها إذا بيعت بغير رضاه كان له أن يأخذها من المشتري، وكان للمشتري الرجوع على البائع بالثمن.

  فإن وهب هبة يجوز له الرجوع فيها ثم باعها جاز البيع، وذلك أن الرجوع فيها إذا كان جائزاً كان بيعه رجوعاً، فوجب أن يصح، وهذا يدل على أن الرجوع يصح بغير حكم الحاكم كالرجوع عن الوصية والرجوع عن التدبير حيث يجوز⁣(⁣١) الرجوع، وعند أبي حنيفة لا يرجع إلا بحكم الحاكم أو تسليم الموهوب له كالشفعة؛ لأنهما يقتضيان نقل الملك عن مالك إلى مالك، وهذا القول ليس ببعيد، بل هو الأقرب عندي، والله أعلم.

  قال: وإن استحق الموهوب لم يرجع الموهوب له على الواهب [بشيء⁣(⁣٢)، إلا أن يكون وهب على عوض فإنه يرجع عليه بالعوض.

  وذلك أن الهبة إذا استحقت لم يكن على الواهب]⁣(⁣٣) سبيل؛ لأنه لم يأخذ شيئاً في مقابلتها. فإن كانت على عوض رجع بالعوض؛ لأنها⁣(⁣٤) كالثمن، كما أن المشتري يرجع بالثمن على البائع إذا استحق المبيع.

مسألة: [في التسوية بين الأولاد في الهبة]

  قال: ويكره ألا يسوي بين أولاده في الهبة، إلا أن يكون فيهم من يبره أكثر فتكون الزيادة مكافأة له على بره⁣(⁣٥).

  الأصل فيه: حديث النعمان بن بشير أن أباه نحله غلاماً فانطلق به إلى رسول


(١) في (هـ): يصح، وفيها: يجوز. نسخة.

(٢) المنتخب (٥٣٥).

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).

(٤) كذا في المخطوطات. ولفظ شرح القاضي زيد: لأن الهبة إذا كانت على العوض فإنها كالبيع، فكما أن المشتري يرجع بالثمن على البائع إذا استحق المبيع في يده فكذا الموهوب له.

(٥) الأحكام (٢/ ١٤١).