شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 233 - الجزء 1

  مقعدتي نحو القبلة»⁣(⁣١).

  وفي العلماء من فصل بين الاستقبال والاستدبار، فحظر الاستقبال وأباح الاستدبار، وهو أبو حنيفة وأصحابه؛ وذلك لا وجه له؛ لأن النهي ورد عنهما⁣(⁣٢) جميعاً، وحديث ابن عمر وعراك ورد عن عائشة في الاستقبال، وأبو حنيفة يمنع منه.

  على أن الاستقبال إذا ثبت المنع منه كان الاستدبار مثله بعلة أنه إفضاء بالفرج إلى القبلة عند قضاء الحاجة؛ ولأن الغرض في ذلك تعظيم القبلة، فالاستقبال كالاستدبار.

  وذهب الشافعي إلى أن الحظر في الاستقبال والاستدبار جميعاً إذا كانا في الفضاء، وأباحهما في العمارة. وكان أبو العباس الحسني | يخرج مذهب أصحابنا على ذلك، وقد أشار إليه القاسم # بقوله: وهو في الفضاء أشد.

  والوجه في ذلك: أن الفضاء كله يجوز أن يكون موضعاً للعبادة والصلاة، وليست العمارة كذلك؛ لأن الأخلية منها لا تجوز الصلاة فيها، فالموضع الذي يختص بقضاء الحاجة والمنع من الصلاة فيه لا يمتنع ألا يراعى فيه حكم القبلة في الاستقبال والاستدبار، وليس كذلك الفضاء؛ لكون جميعه مصلى. على أن استقبال القبلة في الفضاء لا خلاف في المنع منه، إلا ما يحكى عن صاحب الظاهر، وما لا خلاف فيه أولى بالتشدد فيه؛ فلذلك قال القاسم #: إنه في الفضاء أشد.

  وفيه أيضاً أن حديث الترخيص - وهو حديث ابن عمر وحديث عراك عن عائشة - ورد⁣(⁣٣) في العمارة.


(١) شرح معاني الآثار (٤/ ٢٣٤).

(٢) في (ب، د): فيهما.

(٣) في (ب، د): وردا.