باب القول في الاستنجاء
  فإذا ثبت ذلك في النساء ثبت في الرجال؛ إذ لم يفصل أحد من المسلمين بينهم في ذلك.
  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به محمد بن عثمان بن سعيد النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق # قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: قال رسول الله ÷: «أعطيت ثلاثاً لم يعطهن نبي قبلي: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، قال الله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}[النساء: ٤٣]» إلى آخر الحديث(١).
  فجعل قوله #: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً(٢)» مراد قوله تعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ}، فاقتضى كون الأرض طهوراً بشرط عدم الماء، وإذا ثبت ذلك ثبت أن الاستنجاء بالحجر والمدر لا يجوز مع وجود الماء.
  وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق # قال: حدثنا محمد بن منصور، عن داود بن سليمان الأسدي، قال: أخبرنا شيخ من أهل البصرة يكنى أبا الحسين(٣)، عن أصرم بن حوشب الهمداني، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر المرادي، عن محمد بن الحنفية، قال: دخلت على والدي علي بن أبي طالب # فإذا عن يمينة إناء فيه ماء، فسمى، ثم سكب على يمينه ماء، ثم استنجى في حيث طويل ثم قال: (يا بني، افعل كفعالي)(٤). وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
  وقد كان القاسم # يستدل بقوله تعالى: {أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ
(١) مجموع الإمام زيد بن علي # (٧٠)، وأمالي أحمد بن عيسى (١/ ٣١، ٣٢).
(٢) في (ب، د): جعلت لي الأرض طهوراً.
(٣) في أمالي أحمد بن عيسى: أبا الحسن.
(٤) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٣٣).