شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 236 - الجزء 1

  ٱلۡغَآئِطِ ...} إلى قوله: {طَيِّبٗا}⁣[النساء: ٤٣]، فيقول: لم يَنْقُلِ الله الجائي من الغائط عن الماء إلا عند عدم الماء، فيجب أن يكون الاستنجاء بغير الماء لا يجزئ مع وجود الماء.

  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن يعلى، عن عبدالملك بن عمير، قال: قال علي #: (إن من كان قبلكم كانوا يبعرون بعراً، وأنتم تثلطون ثلطاً؛ فأتبعوا الحجارة بالماء)⁣(⁣١).

  وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن عبدالرحمن⁣(⁣٢) بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن مُعَاذَة العَدَوِيَة، عن عائشة، قالت: «مرن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول، فإن رسول الله ÷ كان يفعله، وأنا أستحييهم»⁣(⁣٣).

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف أن الزائد على قدر الدرهم من المتعدي للشرج تجب إزالته بالماء متى وجده؛ والعلة فيه أنها نجاسة يمكن إزالتها بالماء من غير مشقة عظيمة، فوجب أن يرد إليه ما خولفنا فيه من هذا الباب لهذه العلة.

  والدليل على صحة هذه العلة أن تلك لو لم تكن نجاسة، أو كانت مما لا تمكن إزالتها أصلاً، أو لا تمكن إزالتها إلا بالمشقة كالنجاسة تكون على الجرح ونحوه لم تجب إزالتها، ومتى حصلت هذه الأوصاف وجب إزالتها، فعلم أنها هي العلة.

  ولا تنتقض باليسير من الدم الذي لا يسيل مثله؛ لأنه عندنا غير نجس، أو يقال: إن ذلك يؤدي إلى المشقة.

  وأما ما روي عن أبي ذر عن النبي ÷ أنه قال: «ثلاثة أحجار ينقين


(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٤٢).

(٢) الصواب: عبدالرحيم كما في الكاشف المفيد، ومصنف ابن أبي شيبة.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٤٠، ١٤١).