شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 237 - الجزء 1

  المؤمن» فلا ظاهر له، وذلك أنا قد علمنا أن ثلاثة أحجار قد لا تنقي، ويبقى بعدها القذر، وإذا لم يكن له ظاهر فتأويله إذا لم يجد الماء، ولو كان له ظاهر لكان الواجب أن يُخَص حال وجود الماء بالأدلة التي ذكرناها.

  فأما ما روي عن ابن مسعود أنه قال: خرج رسول الله ÷ لحاجته، فقال: «التمس [لي] ثلاثة أحجار» فأتيته بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وطرح الروثة وقال: «إنها رجس»⁣(⁣١) فليس فيه دلالة للمخالف؛ لأنه ليس فيه أن النبي ÷ كان واجداً للماء، ولا أنه لم يستعمل الماء بعده. على أن قول عائشة: كان رسول الله ÷ يفعله تعني الاستنجاء بالماء بعده - يبين أنه اقتصر على الأحجار لعدم الماء.

  على أنه لا بد لأبي حنيفة أن يتأول الخبرين إذا سئل فيما زاد على قدر الدهم من القذر المتعدي للشرج، وكذلك لا بد للشافعي من تأويله فيما تعدى الشرج قليلاً كان أو كثيراً.

  فإن قيل: إن الاستنجاء من العشر التي جعلت من سنن المرسلين⁣(⁣٢).

  قيل له: المراد بسنن المرسلين ما داوموا على فعلها؛ ألا ترى أنه ذكر فيها الختان وهو فرض؟ على أن اسم السنة ينطلق على الفرض، ألا ترى إلى ما روي: سَنَّ رسول الله ÷ فيما سقت السماء العشر⁣(⁣٣)؟ فليس فيما ذكروا دلالة على أنه غير واجب.


(١) أخرجه البخاري (١/ ٤٣) والترمذي (١/ ٦٩).

(٢) أخرجه مسلم (١/ ٢٢٣)، وأبو داود (١/ ١٩) بلفظ: عشر من الفطرة.

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٣٧٦).