باب القول في العتق على الشرط
  قيل له: حقيقة الاستثناء ما ذهبنا إليه؛ لأن حقيقة الاستثناء أن يخرج(١) من الكلام بعض ما يقتضيه اللفظ، فأما ما يجعل وجود اللفظ كعدمه فذلك لا يسمى استثناء. وعند مخالفينا(٢) قوله: «إن شاء الله» يجعل اللفظ في حكم ما لم يكن، وعندنا يخرج منه بعض ما اقتضاه، فنحن قد جعلناه استثناء في الحقيقة دون من خالفنا.
  على أن أبا حنيفة وأصحابه لا يخالفون في أنه إن قال: «أنت حر إن شاء زيد» أنه يعتبر فيه مشيئة زيد، فكذلك ما اختلفنا فيه.
مسألة: [في قول الرجل لعبد غيره: أنت حر من مالي]
  وقال: ولو أنه قال لعبد غيره: «أنت حر من مالي» لم يفد ذلك القول شيئاً(٣).
  وذلك لقوله ÷: «لا عتق قبل الملك»، وهذا مما لا خلاف فيه.
  فإن قال: «إذا اشتريتك فأنت حر» لم يعتق وإن اشتراه وملكه.
  وهذا عند أبي حنيفة يعتق، وقول الشافعي كقولنا؛ لقوله ÷: «لا عتق قبل الملك»، وهذا عتق قبل الملك.
  فإن قيل: المراد به لا يقع قبل الملك، وهذا مما لا نختلف فيه، وإنما نقول: إن العتق ينعقد قبل الملك ثم يقع بعد الملك.
  قيل له: اللفظ يتناول النفي عاماً فيمنع الانعقاد كما منع(٤) الوقوع. وأيضاً لا خلاف لو لم يضفه إلى الملك لم يقع العتق، فكذلك إذا أضافه، والمعنى أنه لفظ بالعتق قبل الملك. وأيضاً قوله: «أنت حر» هو موجب للعتق، وحصول ما علق العتق به هو شرط لوقوعه، كأن يقول: إذا(٥) دخلت الدار، ولا خلاف أن
(١) في (أ، ج): لأن الاستثناء من حقه أن يخرج.
(٢) في (أ): مخالفنا.
(٣) الأحكام (٢/ ٣٤٨).
(٤) في (هـ): يمنع.
(٥) في المخطوطات: «لو» والمثبت نسخة في (هـ).