شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

صفحة 25 - الجزء 5

  العقل⁣(⁣١)؛ وذلك أنه لما احتمل أن يكون سجودهم لإظهار الإسلام وقبول ما دعوا إليه، واحتمل أن يكون ذلك منهم تفادياً من القتل، وعلى ما يفعله أهل الشرك بعظمائهم - وداهم، وأسقط النصف لما استحقوا الدية في حال ولم يستحقوها في حال. وثبت عن علي # أنه راعى في الغرقى الأحوال لما جاز في كل واحد منهم أن يكون مات قبل صاحبه وجاز أن يكون مات بعد صاحبه؛ ولهذا قلنا في خنثى لبسة: إن له نصف نصيب الذكر ونصف نصيب الأنثى؛ لأنه يحتمل أن يكون أنثى ويحتمل أن يكون ذكراً. وأيضاً قد ثبت في الأعيان كالدار والدابة أن ثلاثة إذا استووا في ادعاء شيء منها وجب أن يقسم بينهم أثلاثاً، فكذلك الحرية فإنها⁣(⁣٢) وإن كانت حكماً فهي⁣(⁣٣) في هذا الباب بمعنى العين.

  فأما القرعة فإنها لا تميز بين الحر والعبد، وهي من جنس القمار في هذا الباب، وإنما يجوز استعمالها في تطييب النفوس وما جرى مجرى ذلك من⁣(⁣٤) إزالة التهم، وعلى هذا لو استعملها في القسمة، لا أنها تفرق بين الحق والباطل، وعلى هذا ما روي أن رسول الله ÷ أقرع بين نسائه لما أراد أن يسافر بواحدة منهن⁣(⁣٥)، وذلك أن النبي ÷ كان له أن يخرج من شاء منهن، ففعل ذلك تطييباً لأنفسهن، وعلى هذا يحمل قول الله ø: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَٰمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَۖ}⁣[آل عمران: ٤٤] إن ذلك كان على وجه تطييب النفوس، وكذلك قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ اَ۬لْمُدْحَضِينَ ١٤١}⁣[الصافات: ١٤١] يحتمل أن يكون ساهم لتطييب نفوس القوم، وأما إلقاؤه نفسه في


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٥٠) والترمذي (٣/ ٢٠٧).

(٢) في (ب، د، هـ): فهي.

(٣) في (أ، ج): فهو.

(٤) في (ب، د، هـ): وما جرى مجراها من.

(٥) أخرجه البخاري (٣/ ١٥٩) ومسلم (٤/ ٢١٢٩).