باب القول في الاستنجاء
  الماء إذا وررد على النجاسة نجس الماء وطهَّر الموضع، فإذا كان ذلك غير ممتنع فليس علينا إلا بيان ورود الشرع به، وقد بينا ذلك بما دللنا به(١) على أنه لا فرق بين ورود النجاسة على الماء ووروده على النجاسة، يكشف ذلك أن الأمر لو كان في النجاسة والطهارة على ما ذكروا لوجب في البئر إذا وقعت فيها النجاسة ألا تطهر أبداً؛ لأن الماء النجس إذا نزح فلا شك أنه يترشش على جوانب البئر، فلو كان الأمر بالقياس لكانت البئر لا تطهر أبداً، ولكن الشرع ورد بأنها تطهر بأن ينزح ماؤها، وهذا واضح، والحمد لله.
  فإن استدلوا بأن أعرابياً بال في مسجد رسول الله ÷ فأمر بأن(٢) يصب عليه ذنوب من ماء، فلو كان الماء ينجس بوروده على النجاسة لكان ذلك الماء يزيد المسجد نجاسة.
  قيل له: أرض المدينة أرض حصباء إذا صب عليها الماء رسب في الأرض، كحاله إذا صب على الرمل، فالماء الملاقي للنجس إذاً ليس يستقر على وجه الأرض، بل يرسب فيها ويصير في باطن الأرض، فلا يجب فيه ما قدرتم، على أنه قد روي أن ÷ أمر بحفر ذلك الموضع.
  أخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي [قال: حدثنا فهد(٣)]، قال: حدثنا يحيى بن عبدالحميد الحِمَّاني(٤)، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن سمعان بن مالك الأسدي، عن أبي وائل، عن عبدالله، قال: بال أعرابي في المسجد، فأمر به النبي ÷ أن يصب عليه دلو من ماء، ثم أمر به فحفر مكانه(٥).
(١) في (أ): دللنا به عليه. وفي (ب): دللنا عليه.
(٢) في (ب، د): أن.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٤) بكسر المهملة وتشديد الميم. تمت فتح الباري.
(٥) شرح معاني الآثار (١/ ١٤).