شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التدبير

صفحة 35 - الجزء 5

باب القول في التدبير

  إذا قال الرجل لمملوكه: «أنت حر بعدي» كان مدبراً يعتق إذا مات الرجل من ثلث ماله، وليس له أن يبيعه في حياته إلا من ضرورة⁣(⁣١).

  لا خلاف أنه يعتق بعد موته، وأنه يعتق من الثلث، واختلف الناس في بيعه في حياة المدبر، قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز بيعه على وجه، وقال الشافعي: يجوز بيعه على كل وجه. وبه قال الناصر، وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أن رجلاً أتى علياً فقال: إني جعلت عبدي حراً إن حدث بي حدث، أفلي أن أبيعه؟ قال: (لا)⁣(⁣٢).

  ومعناه عندنا إذا لم يكن هناك حال ضرورة.

  وحكي عن مالك قال: لا يباع⁣(⁣٣) إلا في الدين. ويشبه أن يكون قوله مثل قولنا. لما روي عن جابر عن النبي ÷ أن رجلاً دبر غلاماً له لا مال له غيره، وروي: وعليه دين، فقال ÷: «من يشتريه» فاشتراه نعيم بن النحام⁣(⁣٤)، وفي بعض الأخبار: «إذا احتاج أحدكم فليبدأ بنفسه» وروي أن رسول الله ÷ باع مدبراً في دين الذي دبره.

  فإذا ثبتت هذه الأخبار فلنا طريقان: أحدهما: ما بيناه مشروحاً في كتاب البيوع، وهو أن التدبير حق غير مستقر قبل الموت، فكانت حال التدبير قبل الموت حال الوصية بعد الموت. وأيضاً التدبير يوجب عتقاً من جهة القول يسري⁣(⁣٥) إلى الولد، فوجب ألا يجوز بيعه إلا لعجز ما؛ دليله المكاتب لما كان


(١) الأحكام (٢/ ٣٤١).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٣).

(٣) في (ب): وحكي عن مالك أنه لا يباع.

(٤) في (أ، ب، ج): نعيم النحام.

(٥) في (أ، ج): سرى. وفي (ب): وكان يسري. وفي (د): ويسري.