باب القول في التدبير
  عتقه من جهة القول وكان يسري إلى الولد لم يرق إلا لعجز ما.
  فإن قيل: التدبير لا يسري إلى الولد في أحد قولي الشافعي.
  قيل له: أما في أحد قوليه فإنه يسري، ونحن ندل على صحة ذلك فنسقط قوله الآخر، والدليل(١) عليه ما روي عن ابن عباس وابن عمر(٢) وجابر بن عبدالله(٣) وعثمان أن ولد المدبرة بمنزلة أمه، ولم يرو خلاف ذلك عن أحد من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع منهم، فوجب ما قلناه. وأيضاً هو عتق يحصل مع زوال ملك المعتق عنه بموته بسبب أوجبه في حياته فأشبه المكاتب.
  والطريق الثاني أن نقول: إن الدلالة قد دلت على أن المدبر لا يجوز بيعه من جهة الأثر والنظر، ثم ثبت أن النبي ÷ أمر ببيع المدبر لدين كان على المدبر، وروي أن رجلاً دبر عبداً لا مال له سواه فأمر رسول الله ÷ ببيعه، فخصصنا بالأثر وعدلنا في تلك الحال - وهي حال الضرورة - عن القياس.
  فإن قيل: ما ذلك الأثر، وما ذلك النظر؟
  قيل له: أما الأثر فهو(٤) ما رواه أبو بكر الجصاص بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي ÷: «المدبر لا يباع ولا يشترى، وهو حر من الثلث» فنفى عمومه بيع المدبر في جميع الأحوال.
  وما رويناه عن علي # من طريق زيد أنه سأله رجل فقال: إني جعلت عبدي حراً إن حدث بي حدث، أفلي أن أبيعه؟ قال: (لا)، وقوله عندنا حجة.
  وأما النظر فهو أن عتقه يجب بموت مولاه على الإطلاق، فأشبه أم الولد في
(١) في (أ، ج): فالدليل.
(٢) رواه عبدالرزاق في المصنف (٩/ ١٤٤).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٢٣).
(٤) «فهو» ساقط من (أ، ب، ج، د).