شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المكاتبة

صفحة 43 - الجزء 5

  لم يقل ذلك، ثم قال بعد ذلك: فإن عجز عن شيء من كتابته كان مردوداً في الرق، وهذا نص في أنه لا يجب حط شيء منه؛ لأن ذلك لو وجب لم يصح أن يقول: إن عجز عن شيء منه رد في الرق، بل كان يجعل ذلك محطوطاً عنه ويمضي عتقه.

  وما ذهبنا إليه به قال أبو حنيفة.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَٰرَةٌ عَن تَرَاضٖ مِّنكُمْۖ}⁣[النساء: ٢٩] ومال الكتابة مال لسيد العبد، فلا يحل للعبد منه شيء إلا برضاه، ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَي اَ۬لْحُكَّامِ}⁣[البقرة: ١٨٨] وقوله ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».

  فإن قيل: فقد أوجبه الله ø بقوله: {وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ اِ۬للَّهِ اِ۬لذِے ءَاتَيٰكُمْۖ}⁣[النور: ٣٣].

  قيل له: المراد به عندنا هو أن يعطوا من مال الصدقات يستعينوا به على أداء الكتابة، وهو الذي ذكره الله تعالى في آية الصدقات حيث يقول: {وَفِے اِ۬لرِّقَابِ}⁣[النساء: ٦٠] وما يتطوع به الإنسان عليه من الإعطاء.

  والدليل على صحة أن ما نذهب⁣(⁣١) إليه هو المراد⁣(⁣٢) بالآية أن الله ø خاطبنا أجمعين بقوله: {وَءَاتُوهُم مِّن مَّالِ اِ۬للَّهِ اِ۬لذِے ءَاتَيٰكُمْۖ} فظاهره أنه خطاب لمن كاتب ولمن لم يكاتب، فدل أنه ندب للجميع.

  فإن قيل: هو خطاب للموالي؛ لأنه عطف به على قوله: {فَكَاتِبُوهُمْ}.

  قيل له: لا يجب حمل الخطاب بعضه على بعض إذا كان كل واحد منه يستقل بنفسه، بل يجب حمل كل واحد منه على عمومه، ويدل على ذلك قوله: {مِّن مَّالِ


(١) في (ب): والدليل على أن صحة ما نذهب إليه. وفي (د): والدليل على صحة ما نذهب إليه.

(٢) في (د): هو أن المراد.