باب القول في الاستنجاء
  وفيه أيضاً وجه آخر: وهو أن البول قائماً أقرب إلى أن يترشش على البدن، فيجب أن يكره؛ لأنه خلاف الاحتياط.
  وقد روي عن ابن عباس أن النبي ÷ مر بقبرين وقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أحدهما كان لا يستنزه من البول»، وقد ذكرنا الحديث عند ذكرنا بول ما يؤكل لحمه بإسناده.
  فكل ذلك يبين صحة ما ذهبنا إليه من كراهة البول قائماً.
  فإن قيل: روي أن رسول الله ÷ بال قائماً، رواه الطحاوي يرفعه(١).
  وروى أيضاً يرفعه إلى شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي ظبيان: أن علياً # بال قائماً(٢)، وروى مثله عن عمر أيضاً.
  قيل له: قد بينا وجه الكراهة في ذلك، وليس يمتنع أن يكون هذا الفعل وقع منهم على سبيل الضرورة، ونحن لا نمنع من إجازة ذلك عند الضرورة، وهذا أولى؛ لنكون قد استعملنا الأخبار كلها.
(١) شرح معاني الآثار (٤/ ٢٦٧).
(٢) هذا وروايته عن عمر في شرح معاني الآثار (٤/ ٢٦٨).