باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
مسألة: [في أن من فروض الوضوء النية والأدلة على ذلك]
  فرض الوضوء النية، وقد نص عليه الهادي # في المنتخب(١).
  والدليل على ذلك: قول الله تعالى: {وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ}[البينة: ٥].
  ووجه الاستدلال منه: أنه قد ثبت أن الله تعالى لم يأمر إلا بأن يعبد على طريق الإخلاص، وثبت أنه أمر(٢) بالوضوء، فقد ثبت أنه أمر به على طريق الإخلاص، والشيء إذا جاز أن يقع على وجه الإخلاص وعلى غير وجه الإخلاص لم يجز أن يقع على وجه الإخلاص إلا بالنية؛ لأن الأفعال إذا جاز وقوعها على وجوه مختلفة لم يجز أن تقع على بعضها إلا بالقصد، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه لا بد من قصد مُضَامٍّ للوضوء.
  وقد سأل بعض أصحاب أبي حنيفة على هذا فقال: لو كان الوضوء يجب أن يضامه القصد من حيث هو عبادة ومأمور به للزم(٣) ذلك في القصد نفسه؛ لأنه عبادة ومأمور به، وذلك يؤدي إلى وجوب(٤) ما لا يتناهى من القصد. وهذا السؤال بعيد جداً، وذلك أنا إنما قلنا في الوضوء ما قلناه لأنه يجوز وقوعه على وجوه مختلفة، وكذلك نقول في سائر الأفعال التي تصح فيها هذه القضية؛ فأما القصد نفسه فإنه لا يجوز أن يقع عل وجوه مختلفة؛ بل يختص كل قصد بوجه يقع عليه؛ لأن القصد إلى أن يكون الشيء قربة إلى الله تعالى لا يجوز أن يكون
(١) في (أ، ب): وقد نص الهادي # عليها في المنتخب.
(*) المنتخب (٦٣).
(٢) في (د) ونسخة في (ب): أمرنا.
(٣) في (أ، ونسخة في (ب، د): لوجب.
(٤) [وجود] نخ.