كتاب الطهارة
  واستقصاء الكلام في هذا يخرجنا عن هذه المسالة، وفيما ذكرنا كفاية.
  وجوابنا في هذا الموضع وإذا سألوا في سائر هذه الظواهر كقوله: {وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا ٤٨}[الفرقان]، وكقول النبي ÷: «أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات فأطهر»، وكقوله #: «فإذا وجدت الماء فأمسسه جسدك» - أن نقول: إنه لا يمتنع أن يذكر الله تعالى ورسوله الحكم في موضع والشرط في موضع آخر، وينبه عليه من طريق القياس، وإذا كان الأمر كذلك فهذه الظواهر تقتضي الحكم، وما ذكرناه يقتضي الشرط، فهذا بين بحمد الله.
  ويستدل على ذلك من جهة النظر بعلل، منها: أنا نقيسه على التيمم بعلة أنها طهارة عن حدث. ونقيس عليه أيضاً بعلة أنه عبادة تبطل بالحدث مع السلامة، وبالعلة الثانية نقيسه على الصلاة أيضاً، فيجب أن تكون النية شرطاً في صحته قياساً على التيمم والصلاة.
  وقد يقاس أيضاً على الصلاة والصيام والحج بعلة أنها عبادة لها أول وآخر قد ارتبط بعضه ببعض.
  وقد يقاس أيضاً على العتق في الظهار بعلة أنه عبادة ذات بدل من شرط صحته النية، فكذلك الوضوء؛ لأن بدله التيمم، ومن شرط صحته النية.
  فإن قاسوه على إزالة النجاسات بعلة أنها طهارة بالماء رجحنا قياسنا بالاحتياط، وباستناده إلى الظواهر التي ذكرناها، وبأنها تفيد شرعاً، وبأن أصول العبادات تشهد لها، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والعمرة، والكفارات، فرائضها ونوافلها.
  وليس لهم أن يدعوا أن قياسهم مستند إلى الظواهر التي تعلقوا بها؛ لأنا قد بينا أنها لا تقتضي إثبات النية ولا نفيها.