باب القول فيما يوجب الكفارة
  قيل له: لأن القارن هتك حرمة إحرامين مختلفين، ألا ترى أن المحرم بحجة لو عقد على نفسه إحراماً بعد إحرام بتلك الحجة بعينها ثم قتل صيداً لم يلزمه إلا جزاءٌ واحدٌ، ومثال ما سألتم [عنه](١) من جزاء القارن أن يحلف فيقول: إن دخلت الدار فعليَّ صدقة درهم وصيام يوم، فإنه إذا حنث لزمه الأمران جميعاً؛ لأنه حصل عليه عقدان مختلفان، والله أعلم.
مسألة: [في الحلف على ترك بعض الطاعة]
  قال: ولو أن رجلاً حلف ألا يفعل بعض الطاعات كان له أن يفعلها، فإن فعلها لزمته الكفارة، وإن كانت من الواجبات لزمه أن يفعلها، فإذا فعلها لزمته الكفارة.
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي.
  وحكي عن قوم أنه لا كفارة، وبه قال الناصر.
  والدليل على لزوم الكفارة فيما ذكرناه قول الله ø: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اُ۬للَّهُ بِاللَّغْوِ فِے أَيْمَٰنِكُمْ وَلَٰكِنْ يُّؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ اُ۬لْأَيْمَٰنَۖ(٢)}[المائدة: ٨٩] فبين أنه لا مؤاخذة علينا في اللغو، وإنما نؤاخذ فيما عقدنا الأيمان بالكفارة، ولا خلاف أن هذه الأيمان ليست من اللغو، وأنها مما عقدنا، فوجبت(٣) فيها(٤) الكفارة بظاهر الآية، وأيضاً روي عن النبي ÷ أنه قال: «من حلف على أمرٍ فرأى غيره خيراً منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
  فإن قيل: فقد روي: «من حلف بيمين على شيء ثم رأى غيره خيراً منه
(١) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٢) «ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) في (أ، ب، ج، د): فوجب.
(٤) «فيها» ساقط من (ب، د، هـ).