شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الأيمان والكفارات

صفحة 127 - الجزء 5

  فإن قيل: العقد هو القصد - فذلك لا معنى له؛ لأن العقد مأخوذ من عقد الحبل، ومشبه به، وهو الذي يصح تركه معقوداً ويصح حله، وما تعذر فيه الأمران لا يصح أن يقال: إنه معقود.

  فإن قيل: ما تنكر على من قال: إنه يمكن تركه معقوداً وإن لم يمكن حله؟

  قيل له: هذا محال؛ لأنه لو صح أن يقال: إن اليمين معقودة مع وقوع الحنث لم يصح أن تكون يمين تحل؛ لأن حلها ليس أكثر من الحنث حتى يصير وجودها وعدمها سواء في أنها لا حرمة لها.

  على أن ذلك لو كان كذلك كان لا كفارة فيها؛ لأن اليمين لا تبقى مع الحنث؛ بدلالة أن من حنث فيها مرة ثم حنث ثانياً أنه لا تلزمه في الحنث الثاني كفارة؛ لأن اليمين قد انتهكت⁣(⁣١) حرمتها بالحنث، فإذا ثبت ذلك فاليمين التي تقع مع الحنث يجب أن تكون وقعت وقد هتكت حرمتها، فيجب ألا تلزم فيها الكفارة لعدم الحرمة، وهذه النكتة من أقوى ما يبين هذه المسألة، والله أعلم. فإذا ثبت أن الغموس لا حرمة لها يمكن أن تقاس على يمين الصبي بعلة أنه لا حرمة لها، فوجب ألا تلزم فيها الكفارة.

  ويمكن أن تقاس الغموس على اللغو بثلاث علل: إحداها: ما مضى من أنها يمين على أمرٍ ماض، فلا تجب فيها الكفارة. والثانية: أنها لا تقع إلا مع الحنث، فلا تجب فيها الكفارة. والثالثة: أنها تقع ولا يمكن حفظها ولا حلها.

  ويمكن بعلة رابعة: أنها تقع وحرمتها بالحنث مهتوكة.


(١) في (أ، ج، هـ): انهتكت.