شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يوجب الكفارة

صفحة 132 - الجزء 5

  عضو منها عضواً منه من النار»⁣(⁣١) وإيجاب النار يكون في العمد من القتل. ويدل على ذلك أن العامد قد شارك المخطئ في الجناية، وزاد العمد، فازدادت الجناية، ولا يجوز أن يكون عظم الجناية سبباً للتخفيف، فوجب ألا يكون العامد أحسن حالاً من المخطئ، ولا فصل بينهما إلا العمد فقط الذي هو سبب لتعظيم الجناية. ثم الأصول كلها شاهدة لما⁣(⁣٢) قلنا، ألا ترى أن من لزمته الفدية لحلق⁣(⁣٣) لا مأثم معه لعذر كان من حلق على وجه يأثم بها أولى؟ وكذلك من لزمه قضاء صلاة فائتة ناسياً أو نائماً كان من تركها عامداً بذلك أولى؟ وهكذا قضاء الصوم؟ فإذا استوى العامد والمخطئ⁣(⁣٤) في قتل الصيد مع الإحرام في باب الجزاء كان قاتل الآدمي بذلك أولى؛ لأنه أراق دماً محقوناً على التأبيد، فوجب أن تلزمه الكفارة قياساً عليه لو قتله خطأ. وأيضاً هو دم آدمي لا بد فيه من عوض، فوجب أن تلزم فيه الكفارة؛ دليله الخطأ من القتل.

  فإن قيل: المنصوص لا يقاس على المنصوص، وقد نص الله على حكم العامد، وكذلك نص على حكم المخطئ، فلا وجه لقياس أحدهما على صاحبه.

  قيل له: إن أردت أن الحكم الذي ورد النص فيه لا يقاس على حكم آخر ورد النص فيه فهو صحيح، وإن أردت أن المنصوص عليه في جملة من أحكامه إذا كان له حكم آخر لم يرد فيه النص لا يجوز أن يقاس على منصوص آخر ورد النص في جملة أحكامه وفي ذلك الحكم بعينه فهذا غير مسلم، والكفارة أمر ورد النص بها في حكم المخطئ، [ولم يجر ذكرها⁣(⁣٥) في حكم العامد، فلا يمتنع أن


(١) أخرجه أبو داود (٣/ ٢٩) وأحمد في المسند (٢٥/ ٣٩٣).

(٢) في (هـ): بما.

(٣) في (هـ): بحلق.

(٤) يقال: المخطئ في قتل الصيد لا شيء عليه كما تقدم في كتاب الحج.

(*) قال في شرح القاضي زيد: وهذا لا يستمر على أصلنا.

(٥) في (أ، ج، د): حكمها.