باب القول في كفارة اليمين
  التتابع. وإن شئت قلت: هو كفارة لفظ فأشبه صوم الظهار. وأيضاً وجدنا صيام الكفارات وما جرى مجراها على ضربين: ضرب هو مرتب على غيره فلا بد فيه من التتابع أو التفريق، فلا تخيير فيه بين التفريق والتتابع، وذلك كصيام المتمتع الذي هو بدل الهدي ومرتب عليه، ألا ترى أنه يجب فيه التفريق ولا يجوز فيه التتابع؛ لأن ثلاثة منها في الحج، وسبعة إذا رجع(١)؟ وصوم الظهار، وصوم كفارة القتل؛ ألا ترى أنه يجب فيهما التتابع؛ إذ هما مرتبان على العتق؟ وضرب لا ترتيب فيه، فلا يجب فيه التتابع ولا التفريق، كصوم جزاء الصيد وفدية الأذى، ثم وجدنا صيام كفارة اليمين مرتباً على العتق والكسوة والإطعام فقلنا: يجب فيه التفريق أو التتابع، فلما أجمعوا على أن التفريق فيه غير واجب علمنا أن التتابع فيه واجب.
مسألة: [في مقدار الإطعام في كفارة اليمين]
  ومن أراد الإطعام أطعم عشرة مساكين غداءهم وعشاءهم، ويكون ذلك نصف صاع من دقيق، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير أو غير ذلك(٢) مما يأكله هو وأهله من الذرة أو غيرها(٣)، ويأدمهم بأوسط الإدام(٤).
  ويجب أن يكون المراد بقوله: نصف صاع من دقيق: دقيق البر؛ لأنه لا يجوز أن يوجب صاعاً من الشعير ونصف صاع من دقيق.
  وقال أبو حنيفة: نصف صاع من بر، أو صاع من شعير أو تمر. وهو قريب من قولنا إلا في مقدار الصاع ففيه بيننا وبينه خلاف، وقد مضى ذكره في زكاة الفطر. قال الشافعي: يجزئ مدان.
(١) في (أ، ج): رجعتم.
(٢) «أو غير ذلك» ساقط من (أ، ج، هـ).
(٣) في (ب، د، هـ): وغيرها.
(٤) الأحكام (٢/ ١٢٥) والمنتخب (٣١٨).