باب القول في كفارة اليمين
  والأصل في هذا حديث أوس بن الصامت حين ظاهر من زوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة أن النبي ÷ أعانه بعرق من التمر، وأعانته هي بعرق آخر، وذلك ستون صاعاً، فقال رسول الله ÷: «تصدق به» وقال: «اتق الله وارجع إلى زوجتك» فلما أمره(١) رسول الله ÷ أن يتصدق بستين صاعاً من تمر على ستين مسكيناً ثبت أن لكل مسكين صاعاً من تمر.
  فإن قيل: فقد روي فيمن أفطر في شهر رمضان أن النبي ÷ أعانه بخمسة عشر صاعاً من تمر، وذلك يكون لكل مسكين مد.
  قيل له: كفارة الصوم عندنا ليست بواجبة، بل مستحبة، والمستحب يجوز أن يعطى فيه ما يتسهل. على أنها لو ثبت وجوبها لم يكن في ذلك دليل على أن ذلك جميع الواجب؛ إذ جائز(٢) أن يكون النبي ÷ أعانه بما حضر على أن يكون الباقي في ذمته. وفي الخبر ما يدل على أن ذلك لم يكن واجباً، وهو أنه لما أمره النبي ÷ بالتصدق بذلك قال: ما على [وجه](٣) الأرض أحوج(٤) مني ومن أهل بيتي، قال(٥): «فكله مع أهل بيتك، وصم يوماً مكانه، واستغفر الله»(٦).
  ويدل على ذلك ما روي من حديث كعب بن عجزة حين أمره أن يحلق رأسه: «انسك نسيكة، أو صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة»(٧) وفي بعضها: «أطعم فرقاً في ستة مساكين»(٨) وذلك
(١) في (أ، ب، ج، د): أمر.
(٢) في (أ، ج، د): إذ جاز. وفي (ب): إذا جاز.
(٣) ما بين المعقوفين من (هـ).
(٤) في (أ، ج): قال على أحوج مني ... إلخ.
(٥) في (هـ): فقال ÷.
(٦) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١١٨).
(٧) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١١٩).
(٨) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١١٩).