شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 251 - الجزء 1

  قيل له: لا يمتنع أن يطلق اسم السنة على الفرض؛ ألا ترى إلى ما روي: (سن رسول الله ÷ فيما سقت السماء العشر)، والعشر لا إشكال في أنه فرض، فإذا كان ذلك كذلك لم يمتنع فرضهما بالأدلة التي بيناها.

  وأما قول من قال من أصحاب أبي حنيفة: إن إثبات فرضهما زيادة في النص لا يجوز إثباتها بأخبار الآحاد فإنه ساقط من وجهين:

  أحدهما: ما بيّناه في المسألة التي قبل هذه أن هذا القبيل من الزيادة لا يجب أن يكون نسخاً، ولا يمتنع إثباته بخبر الواحد على أصولنا.

  والثاني: أن الظاهر عندنا مشتمل على المضمضة والاستنشاق؛ إذ الفم والمنخران من الوجه على ما بيناه في صدر هذه المسألة.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «عشر من سنن المرسلين» وذكر فيها المضمضة والاستنشاق.

  قيل له: قد بينا أن السنة تطلق على الفرض، ومعنى سنن المرسلين، أي: ما داوموا على فعلها، وهو مأخوذ من سنن الطريق، ويبين ذلك إنه ذكر الختان في جملة هذه الخلال العشر، ولا خلاف في أنه فرض لا يسع تركه.

  وليس لأحد أن يتعلق بقوله ÷: «إذا وجدت الماء فامسسه جلدك»؛ لأن داخل الفم والمنخرين أيضاً جلد، فيجب أن يمسه الماء، ولو جعلناه نحن دليلنا لكان أولى.

  ومما يدل على ذلك من طريق النظر: أنه باطن عضو يجب غسله، لا مشقة في غسله، فيجب أن يكون غسله واجباً قياساً على باطن القدم، وعلتنا هذه مرجحة على ما يعللون به بإفادة الشرع، والاحتياط، والاستناد إلى هذه الآثار القوية والنصوص الصريحة.

  وليس يلزم على ما ذكرنا داخل العين وباطن الجفن؛ لأنا قد جعلنا في أوصاف العلة أن لا مشقة في غسله، وداخل العين وباطن الجفن في غسلهما مشقة عظيمة.