شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

مسألة: [في أن الحد لا يسقط بتقادم عهد الجناية إذا وقعت في ولاية الإمام]

صفحة 159 - الجزء 5

  المسائل وما يجوز أن يكون شبهة وما لا يجوز، وروي عن علي #: (لَأنْ أخطئ في العفو أحب إليَّ من أن أخطئ في العقوبة).

مسألة: [فيمن أقام الإمام عليه حداً أو تعزيراً فتلف]

  قال: ومن أقام عليه الإمام حداً أو تعزيراً فتلف فلا دية له، إلا أن يكون الإمام أخطأ في إقامة الحد أو التعزير عليه فتكون ديته من بيت المال إن مات، أو أرشه إن لم يمت⁣(⁣١).

  ولا أحفظ خلافاً في أن من مات في الحد لا دية له ولا قود؛ لأن الحق قتله، كما أن أهل العدل إذا قتلوا أهل البغي أو قطاع الطريق لم يكن لهم قود ولا دية؛ لأنهم قتلوا بالحق، وكذلك المرجوم، فصار ذلك أصلاً لكل مقتول بحق أنه لا دية له ولا قود.

  وروى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $: (من مات في حد الزنا والقذف فلا دية له، كتاب الله قتله)⁣(⁣٢).

  فأما التعزير فذهب الشافعي إلى أن من مات فيه فله ديته، وشبهه بمن رمى صيداً فأصاب غيره أن رميه لما كان مباحاً ولم يكن واجباً ضمن الرامي ما يتولد عنه. وذلك لا معنى له؛ لأن التعزير ليس بمباح، بل هو واجب؛ لأن شيئاً من العقوبات لا يكون مباحاً؛ لأنها إذا لم تجب قبحت، فلو لم يكن التعزير واجباً لكان ظلماً وقبيحاً، فبطل ما اعتمدوه.

  على أن الإصابة فعل الرامي، فجاز أن يضمنها وإن لم يتعد⁣(⁣٣) في سببها، والسراية ليست فعله، فلم يجب أن يضمنها إلا أن يتعدى في سببها.

  والأصل فيه: ما بيناه في الحدود من أنه قتل بحق، والتعزير حق، والفرق بينه


(١) الأحكام (٢٠٦).

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٠).

(٣) في (أ، ب، ج، د): يتعمد.