كتاب الحدود
  وروي عن ابن عباس أنه قال: يلقى من(١) أعلى بناء في القرية(٢)، وعن علي أنه يلقى عليه الحائط، وذكر عن عثمان أنه يلقي عليه حائط.
  فصار القتل إجماعاً من الصحابة، فسقط بذلك ما ذهب إليه أبو حنيفة من القول بالتعزير؛ لأنه خالف بذلك(٣) قول الصحابة؛ لأنهم أجمعوا على القتل واختلفوا في كيفية القتل، وهذا كما قلنا نحن وأصحاب أبي حنيفة: إن الصحابة أجمعوا على تضمين الرهن واختلفوا في كيفية التضمين، فوجب أن يسقط قول من جعله أمانة وأسقط التضمين؛ لمخالفته الإجماع، فكذلك قول أبي حنيفة في التعزير في هذه المسألة. فإذا ثبت القتل قلنا به حيث أجمعوا عليه، وهو المحصن(٤)، ولم نقل به في غير المحصن؛ للاختلاف فيه، ولأن الذي روي فيه فتوى وقولاً على جهة التفصيل، وهو ما رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي #، ورواه ابن سبرة(٥)، فأما ما عداهما مما روي عن أبي بكر وعمر فهو فعل، ويجوز أن يكون صحيحاً عندهم في ذلك الشخص أنه كان محصناً؛ فلذلك اتفقوا فيه على القتل.
  ومما يدل على ما قلناه قوله تعالى: {وَالَّٰتِے يَأْتِينَ اَ۬لْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ} إلى قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اَ۬للَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاٗۖ ١٥} وقوله بعد ذلك: {وَالذَٰنِ يَأْتِيَٰنِهَا مِنكُمْ فَـَٔاذُوهُمَاۖ}[النساء: ١٦] ثم قول النبي ÷: «خذوا عني، فقد(٦) جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر، والثيب بالثيب» [فكأنه قال: من أتى الفاحشة
(١) في (أ، ب، ج، د): يلقى عليه من.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٥/ ٤٩٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٤٠٤).
(٣) في (أ، ج): لأنه خلاف قول.
(٤) في المطبوع: وهو في المحصن.
(٥) في (ب، د، هـ): ابن أبي سبرة.
(٦) في (هـ): قد.