باب القول في الشهادة على الزنا
مسألة: [فيما يثبت به الإحصان والحرية]
  قال: ويثبت الإحصان والحرية بشاهدين(١).
  ويجيء على قوله برجل وامرأتين؛ لأنها كسائر الحقوق من النكاح والطلاق والديون وما أشبه ذلك، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأظن أن قول الشافعي أنهما يثبتان بشاهدين فقط.
مسألة: [في رجوع بعض الشهود بالزنا قبل الحد]
  قال: ولو أن أربعة شهدوا على رجل بالزنا عند الإمام ثم رجع بعضهم كان على الراجع حد القاذف، ولم يجب الحد على باقي الشهود ولا على المشهود عليه(٢).
  عند أبي حنيفة وأبي يوسف أنه إن رجع قبل أن يضرب وقبل أن يكمل الحد حد الجميع حد القاذف، وإن رجع بعد تكميل الحد حد الراجع وحده. وعند زفر لا حد على الراجع. وعند محمد إن رجع قبل الحكم حدوا جميعاً، وإن رجع بعد الحكم حد الراجع وحده.
  ووجه ما ذهبنا إليه: أن الشهادة بالوقوع قد تمت، فرجوع من يرجع لا يمنع من صحة وقوعها، فيجب أن يدرأ عنهم الحد؛ لأن الله تعالى أوجب حد القاذف بشرط ألا يشهد أربعة على ذلك، فإذا شهدوا لم يجب الحد. وأيضاً لا خلاف بيننا وبينهم أن بعد تكميل الحد لا يحد من لم يرجع، فكذلك قبل ذلك، والمعنى أن شهادة الأربعة قد حصلت، فلا معتبر برجوع من يرجع بعد ذلك.
  فإن قيل: الشهادة ما لم يقع بها الحكم أو يقع بها الحد في حكم ما لم يكن.
(١) في المخطوطات: وتثبت العدالة والحرية بشاهدين. وفي هامش (د): في بعض نسخ التجريد: مسألة: ويثبت الإحصان بشهادة عدلين، وكذلك الحرية تخريجاً. وفي نسخة في (هـ): مسألة: ويثبت الإحصان بشهادة عدلين، وتثبت العدالة ... إلخ. ولفظ التحرير: ويثبت الإحصان والحرية بشهادة رجلين أو شهادة رجل وامرأتين.
(٢) الأحكام (٢/ ١٦٥).