شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادة على الزنا

صفحة 206 - الجزء 5

مسألة: [في رجوع المقر بالزنا عن إقراره]

  قال: فإن رجع عن إقراره بعد ذلك كله قبل الإمام رجوعه ودرأ عنه الحد⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وحكي عن مالك وصاحب الظاهر أنه لا يقبل⁣(⁣٢) رجوعه.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: ما روي عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي أن النبي ÷ أتي بلص قد اعترف اعترافاً، ولم يوجد معه متاعٌ، فقال رسول الله ÷: «ما إخالك سرقت» قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فأمر به فقطع.

  فدل هذا الحديث على أن الرجوع بعد الاعتراف صحيح، لولا ذلك لم يكن في تلقين النبي ÷ إياه فائدة.

  فإن قيل: عندكم القطع لا يجب إلا بعد إقراره⁣(⁣٣) مرتين، فما أنكرتم أن يكون لقن لأن الإقرار لم يكن استقر بعد؟

  قيل له: في الحديث ما يبطل هذا التأويل؛ لأن فيه أنه اعترف ثم قال له رسول الله ÷ مرتين أو ثلاثاً، ولو كان الأمر على ما قلتم لكان يقول ذلك مرة واحدة، وقد روي أنه ÷ قال لماعز حين أقر بالرابعة: «لعلك لمست، لعلك قبَّلت»⁣(⁣٤) فلقنه ما يجوز أن يكون رجوعاً، وكذلك قوله: «أتدري ما الزنا؟» قال: نعم - يدل على ذلك، وروي عن علي # أنه قال للتي أقرت


(١) الأحكام (٢/ ١١٠، ١٨٥) والمنتخب (٦٢٣).

(٢) في (ب، د): أنه قال لا يقبل.

(٣) في (أ، ب، ج، د): إقرار.

(٤) أخرجه البخاري (٨/ ١٦٧) وأبو داود (٣/ ١٥١).