باب القول في الشهادة على الزنا
مسألة: [في رجوع المقر بالزنا عن إقراره]
  قال: فإن رجع عن إقراره بعد ذلك كله قبل الإمام رجوعه ودرأ عنه الحد(١).
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وحكي عن مالك وصاحب الظاهر أنه لا يقبل(٢) رجوعه.
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: ما روي عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي أن النبي ÷ أتي بلص قد اعترف اعترافاً، ولم يوجد معه متاعٌ، فقال رسول الله ÷: «ما إخالك سرقت» قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فأمر به فقطع.
  فدل هذا الحديث على أن الرجوع بعد الاعتراف صحيح، لولا ذلك لم يكن في تلقين النبي ÷ إياه فائدة.
  فإن قيل: عندكم القطع لا يجب إلا بعد إقراره(٣) مرتين، فما أنكرتم أن يكون لقن لأن الإقرار لم يكن استقر بعد؟
  قيل له: في الحديث ما يبطل هذا التأويل؛ لأن فيه أنه اعترف ثم قال له رسول الله ÷ مرتين أو ثلاثاً، ولو كان الأمر على ما قلتم لكان يقول ذلك مرة واحدة، وقد روي أنه ÷ قال لماعز حين أقر بالرابعة: «لعلك لمست، لعلك قبَّلت»(٤) فلقنه ما يجوز أن يكون رجوعاً، وكذلك قوله: «أتدري ما الزنا؟» قال: نعم - يدل على ذلك، وروي عن علي # أنه قال للتي أقرت
(١) الأحكام (٢/ ١١٠، ١٨٥) والمنتخب (٦٢٣).
(٢) في (ب، د): أنه قال لا يقبل.
(٣) في (أ، ب، ج، د): إقرار.
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ١٦٧) وأبو داود (٣/ ١٥١).