كتاب الطهارة
  قيل له: قد بينا أن فائدة الباء هو الإلصاق، وكون الكلام مما يستقيم مع حذفه لا يؤثر فيه؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ}[الأعراف: ١٤٥] أنه كان يستقيم مع حذفه؟ وليس فيه دليل أن الباء يفيد فيه التبعيض.
  وروي أن رسول الله ÷ توضأ مرةً مرةً وقال: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» ثم توضأ مرتين مرتين وقال(١): «من توضأ مرتين [مرتين(٢)] آتاه الله أجره مرتين»، ثم توضأ ثلاثاً وقال: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي»(٣).
  وقد علم أن التكرير في الثاني والثالث لم يكن إلا لما فعل في الأول، فوجب أن يكون المفعول أولاً وضوء رسول الله ÷ مرة مرة، وقد ثبت(٤) أن مسح جميع الرأس وضوء رسول الله ÷، فثبت أنه مما قال فيه رسول الله ÷: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به».
  ويبين أنه وضوء رسول الله ÷: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا يونس بن عبدالأعلى الصَّدَفي وعبدالعزيز بن عقيل(٥) وأحمد بن عبدالرحمن، قالوا: أخبرنا عبدالله بن وهب، قال: أخبرني يحيى بن عبدالله بن سالم ومالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني، عن رسول الله ÷: «أنه أخذ بيده في وضوئه للصلاة ماءً فبدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بيديه إلى
(١) في (أ، د): ثم قال. وفي (ب): فقال.
(٢) ما بين المعقوفين من (د).
(٣) أخرج نحوه ابن ماجه (١/ ١٤٥) والدارقطني في سننه (١/ ١٣٥).
(٤) بما سيأتي إن شاء الله تعالى. تمت عن هامش المخطوط.
(٥) الصواب: عبدالغني بن أبي عقيل كما في الكاشف المفيد وشرح معاني الآثار.