شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطهارة

صفحة 258 - الجزء 1

  مؤخر الرأس، ثم ردهما إلى مقدمه»⁣(⁣١).

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي وحفص بن غياث، عن ليث، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن أبيه، عن جده، قال: «رأيت رسول الله ÷ مسح مقدم رأسه حتى بلغ القَذَال من مقدم عنقه»⁣(⁣٢).

  وروي عن علي # أنه لما علم الناس وضوء رسول الله ÷ مسح رأسه مقبلاً ومدبراً.

  فإن قيل: روي أن رسول الله ÷ مسح بناصيته⁣(⁣٣).

  قيل لهم: لا يصح التعلق بهذا من وجوه: أحدها: أنه ليس في الحديث أنه لم يمسح على غير الناصية، ويجوز أن يكون الراوي رآه حين انتهت يداه إلى الناصية فروى ما شاهد، وهذا لا يدل على أنه لم يمسح الباقي.

  والثاني: أنه يجوز أن يكون ÷ ترك مسح ما عدا الناصية لعلة كانت برأسه.

  والثالث: أن الناصية قد يعبر بها عن الرأس؛ لأنها اسم لما علا من الشيء، ولذلك يقال: ناصية الجبل، يراد ما علا منه، ومنه قول الله تعالى: {فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ ٤١}⁣[الرحمن].

  والرابع: أن رسول الله ÷ كان يجوز أن يكون تطهره حين فعل ذلك لغير الحدث، فلا يدل ذلك على أن الحدث يرتفع به، ولا يجوز أن يحمل على العموم؛ لأنه فعل واقع على وجه واحد.

  والخامس: أنا قد روينا أنه ÷ مسح بجميع رأسه، والزائد أولى.


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٠).

(٢) شرح معاني الآثار (١/ ٣٠).

(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٣٠).