باب القول في صفة التطهر وما يوجبه
  والذي يدل على ذلك من طريق النظر أنه قد ثبت وجوب استيعاب سائر الأعضاء للوضوء في الطهارة(١)، فيجب استيعاب الرأس بالمسح قياساً على سائر الأعضاء بعلتين: إحداهما: أنه عضو من أعضاء الطهارة.
  والثانية: أن كل جزء منه موضع للفرض، لا خلاف في كون كل جزء منه موضعاَ للفرض؛ إذ الكل قائل به، إما على طريق الجمع كما نقول، أو على طريق التخيير كما يقول المخالف لنا، فليس لأحد أن ينكر الوصف.
  ويجوز أيضاَ أن يقاس سائر الرأس على بعضه؛ إذ لا خلاف في وجوب مسح بعضه، فيجب مسح جميعه؛ لأن كل جزء منه بعض الرأس، ويدل على صحة هذه العلة أن ما لا يكون بعضاً للرأس لا يجب مسحه، وما كان بعضاً للرأس وجب مسحه.
  فأما قياس المخالف مسح الرأس على مسح الخفين فباطل عندنا؛ لأنا لا نرى المسح على الخفين أصلاً.
فصل: [في وجوب مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما والدليل على ذلك]
  وإذا ثبت وجوب مسح جميع الرأس وثبت أن الأذنين من الرأس وجب مسحهما ظاهراً وباطناً.
  وقد نص القاسم # على أن الأذنين من الرأس، ودل عليه كلام يحيى #؛ لأنه ذكر أنهما يمسحان مع الرأس من دون أن يؤخذ لهما ماء جديد.
  والذي يدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا نصر بن مرزوق، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة الباهلي، أن رسول الله ÷ توضأ فمسح أذنيه مع رأسه وقال: «الأذنان من الرأس»(٢).
(١) في (ب): سائر الأعضاء للطهارة.
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ٣٣).